وتحمله من شهادة، فالأول الراجح عندهم المنع لأنه بالإمكان شهادة غيره ممن لا يشتهي، بعكس الثاني رجحوا جواز نظره ولو اشتهى لعدم الإمكان أن ينوب عنه أحد، ولهذا بين المصنف ذلك فتأمله، وسيأتي معنا الكثير من أقوال غيره.
ومثل هذه الأقوال استدل بها دعاة السفور فأخذوا أقوال الأئمة في جواز نظر الأجنبي أو الشاهد أو الخاطب بشرط (عدم خشية الفتنة والشهوة) حال الرخصة والحاجة، أو قول بعضهم الوجه ليس بعورة وقالوا هذه أدلتهم على السفور.
ولأن الجصاص من المتقدمين جدا ولم يكن في باله أنه سيأتي من يحرف ويبدل في مثل هذه الفريضة العظيمة من ستر النساء لوجوههن لهذا اكتفوا قديما بتفسير آيات الرخصة في مكانها بقدر حاجتهم ومعرفتهم لمعناها ولمعرفتهم بأسباب النزول والمتقدم من المتأخر من الآيات.
ولكن قد يكون لدي البعض شيء من الشك في ما نقلناه عنه، ولهذا سننقل لكم كلامه في ثلاثة مواضع أخرى كمثال واحد فقط حتى لا نطيل ولكي تعرفوا مقصده وخطر بتر كلام العلماء.
٨ - فقال الجصاص - الحنفي - عند قوله تعالى:{وَالقواعد مِنْ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا ... }[النور: ٦٠]. (قَالَ أبو بَكْرٍ: لا خِلَافَ فِي أن شَعْرَ الْعَجُوزِ عَوْرَةٌ لا يَجُوزُ لِلأجنبي النَّظَرُ إليه كَشَعْرِ الشَّابَّةِ وَأنهَا إن صَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرأس كانت كَالشَّابَّةِ فِي فَسَادِ صَلَاتِهَا، فَغَيْرُ جَائِزٍ أن