للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَكُونَ المراد وَضْعَ الخمار بِحَضْرَةِ الأجنبي. فإن قِيلَ: إنمَا أباح اللَّهُ تعالى لَهَا بِهَذِهِ الآية أن تَضَعَ خِمَارَهَا فِي الخلوة بِحَيْثُ لا يَرَاهَا أحد. قِيلَ لَهُ: فَإذا لا مَعْنَى لِتَخْصِيصِ القواعد بِذَلِكَ؛ إذ كان لِلشَّابَّةِ أن تَفْعَلَ ذَلِكَ فِي خَلْوَةٍ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أنهُ إنمَا أباح لِلْعَجُوزِ وَضْعَ رِدَائِهَا بَيْنَ يَدَيْ الرِّجَالِ بَعْدَ أن تَكُونَ مُغَطَّاةَ الرأس، وَأباح لَهَا بِذَلِكَ كَشْفَ وَجْهِهَا وَيَدِهَا؛ لأنهَا لا تُشْتَهَى، وَقَالَ تعالى: } أن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ} فَأباح لَهَا وَضْعَ الْجِلْبَابِ وَأخبر أن الاسْتِعْفَافَ بألا تَضَعَ ثِيَابَهَا أيضا بَيْنَ يَدَيْ الرِّجَالِ خَيْرٌ لَهَا) انتهى كلام الجصاص.

قوله (للأجنبي) (وَأباح) لاحظ الجصاص بنفس العبارة والأسلوب السابق للإمام الطحاوي عندما تكلم في تفسير قوله تعالى: {إلا ما ظهر منها} لأن تلك رخصة وهذه رخصة، وهما حنفيان يتكلمان بنفس المنهج والتأصيل المذهبي.

قوله (صَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرأس) تأمل كيف استدل لرخصة العجوز فيما يجوز أن تكشفه للأجنبي بما يظهر في صلاتها وهذا هو التقعيد عندهم في ما هو عورة لا يجوز كشفه وهو ما سوى الوجه والكفين، ولهذا رد بأن شعرها عورة لأنه لا يظهر في الصلاة، وهو نفس القياس لتحديد قدر الزينة في الرخصة للشابة عند كلامهم على قوله تعالى: {إلا ما ظهر منها} لتعلم أنهم يتكلمون في آيات متأخرة جاءت تفصيلا بعد إجمال

<<  <   >  >>