ولهذا حسّن القرطبي كلام ابن عطية في توضيحه لمعنى الآية الإجمالي بكونها رخصة لما يظهر عند الضرورة عندما قال وكرر لفظة الضرورة مرتين وقال:(إن المرأة مأمورة بألا تُبدي وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة ... فيما يظهر بحكم ضرورة ... مما تؤدّي إليه الضرورة ... ) ولكن رجع وتعقبه لأنه لم يحدد ما يظهر من الزينة كما حددها الكثيرون من المفسرين السابقين غيره، ولهذا لم يكتفي بحرص ابن عطية في بيان أنها رخصة لم يكفيه ذلك وأصر القرطبي أن يحددها للناس بالوجه والكفين كما حددها أئمة التفسير والفقه من قبله احتياطاً وحرصاً منهم من مجموع أقوال الصحابة والتابعين في الآية وليستدلوا بأن ذلك (أولى) و (احتياطاً) استدلوا بعده استدلالات منه: لأنهما مما يظهران عادة وعبادة، وفي وصلاتها، ولأنها عند بعضهم ليست بعورة وزاد بعضهم استشهاده بحديث أسماء وعائشة ولكن ليس للسفور كما ظنه أهله واستشهدوا به وإنما لتحديد قدر الرخصة بالوجه والكفين حذرا من التوسع والتساهل، وسبق أن بينا أن المتقدمين كانوا يذكرون حديث أسماء وقوله تعالى:{إلا ما ظهر منها} في أبواب الصلاة لتحديد القدر من عورتها في الصلاة بالوجه والكفين وإن كان الإجماع على هذا القدر وهو كافٍ. فقد قال القرطبي عند تفسيره لقوله تعالى:{يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم}[الأعراف: ٢٦]: (وأما المرأة الحرة فعورة كلها إلا الوجه والكفين على هذا أكثر أهل العلم وقد قال النبي: - صلى الله عليه وسلم - «من أراد أن يتزوج امرأة فلينظر إلى وجهها