الوجه والكفين إنما هو الإجماع، فأحبوا الاستشهاد بتلك النصوص وإن كانت بعيدة عن موضوع الصلاة، وموضوع تحديد الرخصة هنا.
١٣ - كما قال ابن رشد - المالكي - في كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد "كتاب النكاح": (وأما النظر إلى المرأة عند الخطبة، فأجاز ذلك مالك إلى الوجه والكفين فقط؛ وأجاز ذلك غيره إلى جميع البدن عدا السوأتين؛ ومنع ذلك قوم على الإطلاق؛ وأجاز أبو حنيفة النظر إلى القدمين مع الوجه والكفين، والسبب في اختلافهم أنه ورد الأمر بالنظر إليهن مطلقا، وورد بالمنع مطلقا، وورد مقيدا: أعني بالوجه والكفين على ما قاله كثير من العلماء في قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} إنه الوجه والكفان، وقياسا على جواز كشفهما في الحج عند الأكثر، ومن منع تمسك بالأصل وهو تحريم النظر إلى النساء) انتهى.
وأنظر كيف فهموا من الآية جواز النظر للخاطب ونحوه، وليس على كل حال.
فهم درجوا على ذلك كما هو مسطر في كتبهم وسيمر معنا بعضه من أنهم مرة يستشهدون بحديث أسماء هنا في باب تحديد قدر الزينة المرخص للأجنبي أن ينظر إليها، ومرة هناك في أبواب الصلاة وعورة المرأة فيها، ولم يخطر ببالهم في ذلك الوقت من أزمانهم من سيفهم من هذه النصوص شيئا يسمى جواز كشف المرأة لوجهها بلا سبب مبيح، وإنما كانت كل تلك القياسات والآثار لتحديد القدر بالوجه والكفين لأنه كما قال أقوى في جانب الاحتياط، والتحديد.