فالطبري من قدماء المفسرين الذين كانوا ينقلون أقوال السلف كما هي وبالأسانيد عنهم ولم يكونوا محتاجين أيضا لمزيد بيان عليها مع ما توافرت عليه نساؤهم من الستر والحجاب، سوى أنهم كانوا حريصين ومحتاجين إلى الإشارة والتنبيه في معرض نقولاتهم لأقوال السلف للتحذير من عدم التوسع في فهم الرخصة بإبداء الزينة بأكثر من الوجه والكفين، كون ذلك هو الغالب من الأحوال التي مثل لها الفقهاء فكان بعضهم ينبه إلى هذا القدر، والاقتصار عليه لأنهما الأكثر من زينتها التي تحتاج وتبتلى المرأة بكشفه، وللرد على من توسع فيما سواهما كما أشار بقوله:(إلا ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أباح لها أن تبديه من ذراعها إلى قدر النصف) وما قاله البعض من جواز ظهور أكثر من الوجه والكفين للخاطب، ولهذا فبعضهم تحرزوا من توسع الناس أو تساهلهم فيقول قائل كما أنه جاز الكشف إلى نصف الذراع، فيعتبر ليس بعورة فيجوز إظهاره كذلك عند الحاجة والضرورة من الرخص، ولهذا أرادوا بتحديدهم هذا الاحتياط من كشف مالا داعي لكشفه حيث تقدر الحاجة والضرورة بقدرها.
ولهذا فَهُم قالوا ما قالوه من استدلالات لمن طالبهم بدليل على هذا القدر الذي ذكروا فظنه البعض اليوم أنهم يتكلمون في الآية المشرعة لفريضة الحجاب، الواصفة لطريقته وشكله، لعدم إدراك المتأخرين بأسباب وتاريخ نزولها وأنها جاءت رخصة متأخرة عن آيات سورة الأحزاب المتقدمة، ففهم بعض القائلين بمذهب السفور كالشيخ الألباني كلام الطبري في الرخصة أنه كلامه في أحوال المرأة العادية فأخذ منه ما