ولا أدري كيف قبل الشيخ الألباني رحمه الله صحة الدعوى والدليل الموصل لها غير صحيح، هل لو كان قاضياً وجاءه خصم لا دليل عنده لصحة دعواه أكان يحكم له؟ فكيف بالحكم في شرع الله؟ .
فإما أن يكون الإمام الطبري يقول بالظن والتخريص فأصاب مصادفة أو أن الألباني لم يفهم مقصده ومرماه وتسرع في اعتراضه عليه وعلى القرطبي وعلى البغوي وعلى كثير ممن أصّلوا للمسألة بمثل قولهم ولو أن الألباني نظر لكلام أئمة التفسير جميعاً القائلين بقول الطبري والقرطبي والبغوي لتبين له المراد من مقصدهم واتفاقهم على هذا الاستدلال ليس لأنهم يقولون بجواز كشف المرأة لوجهها كما فهمه واستشهد بأقوالهم له، وإنما في تحديد قدر الرخصة، ولهذا اعترض عليهم حين استدلوا بأمر غريب في اعتقاده وهو بما يظهر منها حين صلاتها كما هو قول الطبري أو بما يظهر عادة وعبادة كما هو قول القرطبي؛ لأنه يحسب أنهم يتكلمون في جواز سفور المرأة في أحوالها العادية كما هو مذهبه، وكأنه يقول أين أنتم من الاستدلال بحديث الخثعمية؟ أين أنتم من الاستدلال بحديث سفعاء الخدين؟ ولكنه ما أحب أن ينبه السامعين على عدم وجود أحد من المتقدمين من فهم من تلك الأحاديث ما فهمه هو من سفور النساء لوجوههن فضلا على أن يستدلوا بها هنا في موضع استدلاله بأقوالهم في المسألة، ولهذا قال:(لدليل بل لأدلة أخرى غير هذه كما يأتي بيانه) فالشيخ حقق كتب السنن والصحاح ولو وجد شيئا من كلامهم لما بخل به علينا، ولهذا سبق له تضعيف حديث أسماء ثم رجع وصححه ولعل من أسباب ذلك