ولكن لا يمكنهم رؤيتها فأجازه البعض كالقاضي عياض وغيره، ومنعه آخرون لمجرد خروجها لأنه مع الكشف قد يقع النظر إليها بشهوة واستندوا لذلك باتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه لا سيما عند كثرة الفساد وظهوره، فقولهم (لا سيما عند كثرة الفساد وظهوره) راجع لحسم باب الخلاف احتياطاً وذلك بمنع المرأة من كشف وجهها في طريقها ولو لم يكن هناك من يمكنه النظر إليها. وهكذا في غير ذلك من الأمور الخلافية الجزئية الكثيرة فيما قد يتساهل فيه البعض استناداً للرخصة أو الجواز، ويحتاط فيه غيرهم للأصل والإجماع على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه.
وللحق فسواء قصدوا أي من المعاني السابقة أو بغيرها في المنع والاحتياط والتشديد أو بهم جميعاً، فليس هذا بغريب منهم، وقد سبق معنا نقل الطحاوي والقرطبي عن البعض ممن منع من نظر الخاطب للمخطوبة، وسيمر معنا المزيد حيث وردت عن مالك وغيره منع الخاطب والبائعات من كشف الوجه لأن أغلب تلك البيوع ليست بتلك الضرورية التي يتطلب فيها الأمر توثيقها ومعرفة شخص المرأة للرجوع لها أو عليها، أو لأنه يمكن للشابة توكيل أحد قرابتها، وهذا من ورعهم وليس بمستغرب منهم فكيف نقول عنهم أنهم يقولون بالسفور؟ ! ونحن نقول وكيف لو رأو زماننا، وأن قوما يقولون بجواز كشف المرأة لوجهها بدون سبب ولا ضرورة؟ والله المستعان.
ولهذا فلا يجوز أن يُفهم كلامهم على عكس ما أرادوه وقصدوه وكأن النساء كن يخرجن كاشفات، وجاء هؤلاء ومنعوهم من عند أنفسهم، كما