للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (والوجه الثاني يحرم) وهو إذا ما خاف الفتنة فلم يجوزوا له النظر ولو لحاجة وضرورة (لأنه محل الفتنة ورجح حسماً للباب) فلا يُفهم من قوله (حسماً للباب) ومثله ما مر معنا (والمنع في زماننا أوجب) ونحو ذلك أن النساء من الصحابة وغيرهن كن في السابق سافرات وجاء قوم ومنعوه خشية الفتنة وحسما للباب، لا. هذا غلط فاحش وتحريف وتبديل وتصحيف للحقائق ولم يُعرف في دين الله أن كل واحد يشرع فيه بهواه وما يناسبه فهذا ليس مقصد الأئمة المتقدمين بتاتاً، وحاشاهم من ذلك، بل لا يعتقد ذلك منهم من يعرف قدرهم ومكانتهم، وإنما قصدوا ترجيح جزئية خلافية احتياطاً وحسماً للباب وأخذاً بالأصل العام وهو (لأنه محل الفتنة) باتفاق، أو كما قالوا هناك (اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه لا سيما عند كثرة الفساد وظهوره) فقولهم (لا سيما عند كثرة الفساد وظهوره) ليس راجعاً كما بينا عند مبحث الفقهاء لاتفاقهم بل هو راجع إلى ما اختلفوا فيه من جزئيات قبل قولهم بالاتفاق فمن احتاط ومنع وشدد أستند لأصل (اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه) أو للأصل الآخر (لأنه محل الفتنة) ثم بعدها قالوا نحو عباراتهم (لا سيما عند كثرة الفساد وظهوره) أو (ورجح حسماً للباب).

وهنا كذلك فقد مر معنا كثيراً، أنهم كانوا يشترطون لرؤية الأجنبي شرطاً زائداً على الضرورة وهو شرط (أمن الفتنة والشهوة) عند النظر، ففصل كما في الوجه الأول الذي قدم ذكره وهو إذا لم يخف فتنة فيجوز، ولاحظ قوله (وعليه الأكثر) فمع أمن الفتنة والحاجة لم

<<  <   >  >>