من زينتها ما تدعو الحاجة والضرورة إليه، كإجماعهم في آية الإدناء التي سبقت في سورة الأحزاب على أنها أول ما أنزل في شأن الحجاب وأنها الواصفة والمشرعة لفريضته وشكله وطريقة لبسه كما جاءت بذلك الآثار عن السلف.
فهذه الآية من قوله تعالى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}[النور: ٣١]، استشهد بها اليوم القائلون بسفور وجه المرأة وكأنها هي الأصل في مسألة الحجاب وكأنها أول ما أنزل فيه، وبالتالي فسروها على ظاهرها وبدون معرفة التسلسل التاريخي لنزولها، وهي أنها متأخرة على فريضة الحجاب والغوص في معانيها ومعرفة مراد الصحابة من تفسيرها كما فهموه وأخذوه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي أنها رخصة وتوسعة من الله لعباده المؤمنين والمؤمنات في أن تظهر المرأة زينتها عند الحاجة والضرورة بقدرها، كما فهموه من رسول الله من جواز نظر الخاطب وغيره، وكما جاء في نفس السورة بعدها الرخصة للعجائز وللقواعد من النساء أن يضعن ثيابهن، فهذه الاستثناءات جاءت بعد الأصل السابق والعام في فرض الحجاب والذي نزل متقدماً في سورة الأحزاب في السنة الخامسة للهجرة كما مر معنا وقبل سورة النور والتي كانت بعد غزوة بني المصطلق وحادثة الإفك في السنة السادسة من الهجرة، فكان بينهما ما يقارب السنة تقريباً.
فإن كانت هذه الآية أول ما نزل فكيف يصح عدم البيان وتحديده من أصله، وبخاصة في معرض البيان لفريضة إلهية أول مرة نزلت كما