يدعون من قوله تعالى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} فلماذا لم يبينها الله حتى لا يختلط الأمر على الناس؟ والحق أنه لم يحددها لحكمة منه سبحانه وتعالى أراد منها عدم التحديد المطلق لأنها رخصة فتركه استثناء مفتوحاً جعل تقديره للظروف والاحتياجات التي تواجه العباد حتى لا تقع المرأة والرجال في مشقة وعنت وحيرة من أمرهم.
كما قال تعالى:{إلا ما اضطررتم إليه}[الأنعام: ١١٩]، ولم يحدد المستثنى الذي يأكلونه مما حرم عليهم، لأنه قصد هنا أحوال الضرورات وهي غير ثابتة بشئ وغير مستدامة، فما يجدونه ويحتاجونه مما حرم عليهم وقت الضرورة فمرخص لهم أكله.
فمن استشهدوا بها وكأنها أول ما نزل من مسائل الحجاب وكأنها المشرعة لفريضته الواصفة لشكله وحدوده، كان لقولهم ذلك أبلغ الأثر في خلط الأمور وتحريف وتبديل مسألة الحجاب حتى بدت أحكامه غريبة، وظهر فيها من التناقضات والاختلافات بين نصوصه من الكتاب والسنة وأقوال السلف الشيء الكثير، بل وبين أقوالهم أنفسهم؛ فوقعوا في كثير من التناقضات والإشكالات والتجاوزات أنتجت آراء غير معقولة وغير منطقية وغير واقعية، وغير مسبوقة ومخالفة للإجماع، ولهذا لم يزرع حجابهم - تغطية الرأس- في نفوس الآخذات به أي فضيلة أو حبا للسنة، وهذا في حال غالبيتهن كما هو شاهد الحال، فتبعه التبرج والسفور والانحلال، وإلى الله المشتكى.