ولو جمعت أقوال الصحابة والتابعين وأئمة التفسير حسب مدارسهم الفقهية وحللت ونظر لها بنوع من التتبع والاستقراء الفقهي لفهمت حسب مقاصدهم التي نص عليها أهل العلم السابقين في كل مذهب ولتبين لنا بلا شك ولا ريب أنها لمعنى واحد ومقصد متحد ولو كان بعضهم يقول بالعورة وبعضهم لا يقول بها ولعلمنا أن جميعهم يقولون بالتحريم إما بسبب العورة أو بسبب الفتنة والشهوة، ولما احتجنا لترجيح أو طرح قول على قول، ولما تطرق لدينا الاضطراب والتناقض والاختلاف الذي وقع فيه البعض فنسبوه للصحابة وأئمة المذاهب الأربعة وأهل التفسير ليبرروا اختيارهم من بين أقوالهم.
ولهذا فمن أمانة أهل العلم اليوم والمجامع الفقهية وولاة أمور المسلمين بيان كلام الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وأهل العلم كما أرادوه وقصدوه ونفي التحريف والتبديل والتصحيف الواقع على كلامهم ونصوصهم من المتأخرين.
وبخاصة في فريضة من فرائض الإسلام، وشعيرة ظاهرة جلية بين الأنام يتساءل أحدنا كيف لم ينقل لنا خلاف السلف والمتقدمين فيها أو نزاع المذاهب الأربعة عليها؟ .
والسبب لأنه لم يكن بينهم خلاف أصلا في وجوب ستر النساء لوجوههن، وإنما كان خلافهم على علة الأمر وهو من قبيل خلاف التنوع لا خلاف التضاد.