الإمام الشافعي وغيره من المتقدمين لا يرون فرقاً بين حجاب أمهات المؤمنين عن الرجال وغيرهن من النساء.
ولهذا توقف عن الجزم بصحة خصوصية حجابهن من العبد إذا كان عنده ما يؤديه ولم يؤده، وذلك متوقف عنده على صحة الحديث عن رسول الله:(- إن كان قاله - إذا كان لإحداكن يعني أزواجه خاصة) فلو صح فيحمل على ما خصهن به من نوع أنهن وكونهن أمهات حجبن عن أبنائهن، وبعضهم كالقرطبي وغيره حمله على نوع التغليظ عليهن كعدم ظهور أشخاصهن ورؤيتهن للأعمى، كما سيمر معنا، وقد قلنا أن هذا النوع ليس متفقاً عليه عند العلماء كاتفاقهم على خصوصيتهن في التحجب وهن أمهات، كما قالها الشافعي لأنها بنص القرآن، لهذا فمنهم من لم يثبت خصوصية حجب أشخاصهن أبداً وقال أنهن كبقية نساء المسلمين، وكما ترى في هذه الخصوصية التي قصدوها فليس فيها أن النساء ليس عليهن الحجاب كأمهات المؤمنين وكل ما فيها هو مزيد تغليظ في سترهن وحجابهن من العبد إذا كان عنده ما يؤديه ولم يؤده، وذلك لمكانتهن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولعلو قدرهن، وفي كلام الإمام الشافعي ما يدل أن الحجاب وستر الوجه كان عاما لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ونساء المسلمين (ولم يجعل على امرأة سواهن أن تحتجب ممن يحرم عليه نكاحها).
وأما هنا فلأن العتق لا يكون إلا عند أداء ما اتفق مع العبد المكاتب عليه، ولو بقي عليه درهم لم يعتق كما نصت بذلك أحاديث ذكرنا بعضها، وهنا قال:(إذا كان لإحداكن) مجرد كون لديه ما يؤديه فقد