صار في حكم المعتق الحر الذي وجب الحجاب منه، ففهم منه البعض على فرض صحة الحديث أنه يحمل عليهن، كما هو شأن ما فهموه من التغليظ عليهن، وحمله بعض الأئمة على أن العبيد مع أمهات المؤمنين خاصة قد يمتنعون عن الأداء، وذلك لمكانتهن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما قاله أبو العباس بن سريج.
قوله:(وإن الاحتجاب ممن له أن يراها مباح) فانظر ما يقوله هذا الإمام العظيم، ثم كيف ينسب إليه أنه يقول بسفور المرأة لوجهها، وهو يقول أن للمرأة أن تحتجب ممن يجوز له أن يراها، وهذا أكثر ما يمكن التمثيل به في أمر المحارم من الرضاعة أو نحو ذلك كمثل ما مثل له من أمر أم المؤمنين سودة رضي الله عنها، بالحجاب من رجل قيل أنه أخوها فقال:(ومع هذا إن احتجاب المرأة ممن له أن يراها واسع لها وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني سودة أن تحتجب من رجل قضى أنه أخوها وذلك يشبه أن يكون للاحتياط وأن الاحتجاب ممن له أن يراها مباح).
فكيف لو رأيت أيها الإمام من يريد من المرأة اليوم العكس وأن تختلط بالأجانب وأن لا تحتجب منهم جميعاً، وينعتونا (بالمتشددين) على المرأة ليس لأننا نقول بحجابها ممن له أن يراها بل بحجابها ممن ليس له أن يراها، وأنت تقول (لها أن تحتجب ممن له أن يراها)(وذلك يشبه أن يكون للاحتياط) فهل في السنة والمستحب يقال (للاحتياط) وممن يُحتاط (من رجل قضى أنه أخوها)؟ .