عن هذه النكارة فيمكن أن نحمله على أنه كان قبل نزول فرض الحجاب كما قاله ابن قدامة رحمه الله (١).
ومما يقوي القول أن ذلك قبل الحجاب أو أن الحديث منكر وشاذ لا يصح من أصله، أن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما كان عمرها حين هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة سبعاً وعشرين سنة كما قيل، ولهذا فيبعد كل البعد أن تدخل في ثياب رقاق تشف جسدها، اللهم إلا إذا كان ذلك في مكة قبل الهجرة أو قبل أن يُفرض الحجاب بالمدينة، ونسأل الله العفو أن نفترض في دين الله ما لا يصح أصلا لا في الجاهلية ولا في الإسلام، وما لا يقبله أحد أن يقال في أهل بيته فكيف ببيت النبوة وأخت أم المؤمنين عائشة وبنت الصديق رضي الله عنهم أجمعين، ولكن ماذا نفعل؟ فما افترضنا ذلك إلا لنبين بطلان حجتهم من كل وجه وعلى أوسع الاحتمالات.
وأما كون الحديث مضطرب فظاهر لمن تأمله فمرة يروى وكأن صاحبة القصة عائشة ومرة يروى وكأنها أسماء بنت عميس ومرة أنها أم سلمة بدل عائشة، وبألفاظ سياقها مختلف ومتعارض جداً، فكانت كثرة طرقه دليلاً ظاهراً على ضعفه لا كما قال الشيخ الألباني:(إلا أنه من الممكن أن يقال: أنه يقوى بكثرة طرقه).