للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنّما نحن محدثون وفقهاء. فهما يسران بما يساء به اللبيب" (١).

بقي أن يُعْلَمَ أن ابن فارس يتكلم عن أهل زمانه، . وقد مات الرَّجل سنة (٣٩٥ هـ)! .

وأمّا فضل النحو وتعلمه، فإليك بعض ما قيل فيه:

قال أبو بكر بن مجاهد: قال ثعلب: يا أبا بكر! اشتغل أصحاب القرآن بالقرآن ففازوا، واشتغل أصحاب الحديث بالحديث ففازوا، واشتغل أصحاب الفقه بالفقه ففازوا، واشتغلت أنا بزيد وعمرو، فليت شعري ماذا يكون حالي في الآخرة؟ ! . فانصرفت من عنده، فرأيت النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - تلك اللَّيلة في المنام، فقال لي: أقرئ أبا العباس مني السّلام وقل له: أنت صاحب العلم المستطيل.

قال أبو عبد اللَّه الرُّوذَبَارِيُّ العبد الصالح: أراد أن الكلام به يكمل، والخطاب به يجمل، وأن جميع العلوم مفتقرة إليه" (٢) اهـ.

وثعلب إمام من أئمة النحو، فيا لها من بشرى!

وقيل: [الكامل]

النَّحْوُ يَبْسُطُ مِنْ لِسَان الألْكَنِ ... وَالمَرْءُ تُكْرِمُهُ إِذَا لَمْ يَلْحَنِ

فَإِذَا أَرَدْتَ مِنَ الَعُلُومِ أجَلَّهَا ... فَأَجَلُّهَا مِنْهَا مُقِيمُ الأَلْسُنِ

ومصداقًا لقول القائل: والمرء تكرمه إذا لم يلحن، أقول: إن عكس ذلك صحيح، يعني: إن المرء ليسقط من العين بلحنة يلحنها ليس له فيها عذر ولا تأويل.


(١) "الصاحبي"، لأبي الحسين بن فارس، تحقيق السَّيِّد أحمد صقر، ط عيسي الحلبي د. ت، (ص ٥٦، وينظر: "التعالم" (ص ٧٠).
(٢) أفادني هذه القصة بعض إخواننا - جزاه اللَّه خيرًا! ، وهي في "تاريخ بغداد" (٥/ ٢١١)، و "نزهة الألباء" (ص ٢٩٨)، و"إنباه الرواه" (١/ ١٤٣ - ١٤٤)، ومقدمة الأستاذ عبد السّلام هارون لـ "مجالس ثعلب"
(ص ١٢)، وفي "مواسم الأدب" (١/ ١٥٠ - ١٥١).

<<  <   >  >>