للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٣١٧ - ٥) وفي حديثه: "مَنْ كَانَ منْكُمْ مُلتَمسًا لَيْلَةَ الْقَدْر، فَليَلتَمسْهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ وِترًا" (١):

انتصاب "وترًا" على الصِّفَة لظرف محذوف، تقديره: فليلتمسها في زمان وتر، يعني: في الليالي الأفراد، ، ويجوز أن يكون نعتًا لمصدر محذوف، أي: التماسًا وترًا، ، ويجوز أن يكون هذا المصدر في موضع الحال، أي: موترًا.

وفي حديث عمران بن حصين (٢):

(٣١٨ - ١) " فقال بُشَيْر بن كعب: مَكْتُوبٌ فِي الحكْمَةِ: إِنَّ مِنهُ وَقَارًا" (٣):

"إن" مسكورة لا غير؛ لأنّها مستأنفة وليستَ معمولة لـ "مكتوب"؛ لأنّ "مكتوبًا" من كلام الراوي يُعْلِمُ به أن سورة المكتوب في الحكمة "وقارًا".


= محذوف تقديره: "هو الّذي علمت"، والجملة جواب للقسم.
قال الطيبي: وفيه تعسف، وفي "مطالع الأنوار": يعني: فوالله الّذي علمته أنّه يحب اللَّه ورسوله، فعلى هذا "علم" بمعنى "عرف"، و"أنّه" خبر الموصول، وفيه أيضًا أن تجعل "ما" نافية، والتاء للمخاطب على طريق التقرير له، ويصح على هذا كسر "إنّه" وفتحها، والكسر على جواب القسم، وفيه أن "ما" موصولة تأكيدًا، أي: لقد علمت.
قال الطيبي وكان جعل "ما" نافية أظهر؛ لوجوب اقتضاء القسم أن يتلقى بحرف النَّفْي، وأن واللام بحرف (كذا) الموصولة؛ ولأن الجملة القسمية جيء بها مؤكدة لمعنى النّهي ومقررة للإنكار.
ويؤيده رواية "شرح السنة": " فواللَّه ما علمت إِلَّا أنّه يحب اللَّه ورسوله"؛ لأنّ معنى الحصر في هذه الرِّواية بمنزلة الخطّاب من تلك الرِّواية لإرادة الرَّدِّ ومزيد الإنكار".
ينظر: "عقود الزبرجد" (١/ ٣٠٦ - ٣٠٧)، و"فتح الباري" (١٢/ ٧٩ - ٨٠).
(١) إسناده حسن: أخرجه أحمد (٨٦، ٣٠٠).
(٢) كان من فضلاء الصّحابة وفقهائهم، قال محمّد بن سيرين: أفضل من نزل البصرة من أصحاب رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - عمران بن حصين وأبو بكرة. أسلم عمران وأبو هريرة عام خيبر، وتوفي بالبصرة سنة (٥٢ هـ).
ينظر ترجمته في: "الاستيعاب" (٣/ ١٢٠٨).
(٣) إسناده صحيح: أخرجه أحمد (١٩٣٢٩). وقصته أن عمران حَدَّث عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال: "الحياء لا يأتي إِلَّا بخير"، فقال بشير بن كعب: مكتوب في الحكمة أن منه وقارًا ومنه سكينة. فقال عمران: أحدثك عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - وتحدثني عن صحفك؟
قلت: وبشير هذا هو ابن كعب بن أبي، أحد المخضرمين. قال الذهبي: قيل: إن أبا عبيدة بن الجراح استعمله على بعض الأمور. وكان أحد القراء والزهاد، رحمه اللَّه! .
"سير أعلام النُّبَلاء" (٤/ ٣٥١) بتصرُّف.

<<  <   >  >>