للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي حديث جابر بن عتيك (١):

(٨٨ - ١) " نَهَانَا رَسُولُ اللَّه - صلّى الله عليه وسلم - عن الشُّرْب في الأوْعِيَةِ الَّتِي سَمِعْتُمْ: الدُّبَّاءُ، وَالْحَنْتَمِ، وَالنَّقِيرُ، وَالْمُزَفَّتُ" (٢):

يجوز الجر على البدل من "أوعية" والرفع على تقدير "هي".

(٨٩ - ٢) وفي حديثه: قال: "سَأَلَني ابْنُ عُمَرَ: مَا الدَّعَوَاتُ الثَّلَاثُ التَّي دَعَا بِهِنَّ رَسُولُ الله - صلّى الله عليه وسلم -؟ ! فَقُلتُ: دَعَا بأَلَّا يُظْهِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرهمْ، وَلَا يُهْلكَهُمْ بِالسِّنِينَ، فَأُعْطِيَهِمَا، ، وَدَعَا بِأَلَّا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ، فَمَنَعَنِيهَا" (٣).

الظّاهر يقتضي أن يقول: "فمنعها" كما قال: "فأعطيهما" (٤)، ويكون ذلك كله من كلام الراوي، والتقدير في قوله: "قال: فمنعنيها"، فأسند الكلامِ إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - وأضمر القول؛ كما قال الله تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} [الرعد: ٢٣, ٢٤]، أي يقولون: "سلام" (٥).


(١) ويقال: جبر بن عتيك، صحابي أنصاري من الأوس. شهد بدرًا والمشاهد كلها، وكانت معه راية بني معاوية عام الفتح. توفي سنة إحدى وستين وهو ابن إحدى وتسعين سنة.
ينظر ترجمته في: "الاستيعاب" (١/ ٢٢٢)، و"أسدّ الغابة" (١/ ٣٠٩)، و"الإصابة" (١/ ٤٣٨).
(٢) إسناده حسن: وهو في "المسند" برقم (٢٣٢٤٢) من حديث عبد الله بن جابر العبدي.
(٣) صحيح: وهو في "المسند" برقم (٢٣٢٣٧).
(٤) في ط: فأعطيها.
(٥) وهذا ما يعرف بأسلوب "الالتفات"، ويسمى "الصّرف" و "الاعتراض".
وقد ذكره أبو عبيدة فقال: "والعرب قد تخاطب فتخبر عن الغائب والمعنى للشاهد، فترجع إلى الشّاهد". وقال المبرد: "والعرب تترك مخاطبة الغائب إلى مخاطبة الشّاهد، ومخاطبة الشّاهد إلى مخاطبة الغائب؛ قال الله - جلَّ وعز -: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ} [يونس: ٢٢] كانت المخاطبة للأمة ثمّ انصرفت إلى النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - إخبارًا عنهم. وقال عنترة:
شطت مزار العاشقين وأصبحت ... عسرًا عليّ طلابك ابنة مخرم
والالتفات أول المحسنات البديعية، كما ذكره ابن المعتز، وعليه خرج قول الشنفرى الأزدي: ولكن أبشري أم عامر. قال الحريري (ت ٥١٦ هـ): فقد اختلف في تفسيره فقيل: إنّه التفت عن خطاب قومه إلى خطاب الضبع، فبشرها بالتحكم فيه إذا قتل ولم يفتر. أم عامر كنية الضبع، والالتفات في المخاطبة نوع من =

<<  <   >  >>