للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي حديث النعمان بن بشير (١):

(٣٦٧ - ١) قال: " كلُّهُمْ أَعْطَيْتَهُمْ كَمَا أَعْطَيْتَهُ؟ ! " (٢):

في "كلهم" وجهان: الرفع على الابتداء، و"أعطيتهم" وما عمل فيه الخبر.

والثّاني: النصب، تقديره: أعطيت كلهم، فحذف الفعل، وفسره بقوله: "أعطيتهم". ولا يجوز أن ينصب "كلهم" بـ"أعطيتهم"؛ لأنّ "أعطيتهم" قد تعدى إلى مفعولين، هما الضمير ومثل (٣). فأمّا قوله في الرِّواية الأخرى: "أَكُلَّ بَنِيكَ نَحَلْتَ مثْلَ هَذَا؟ ! " (٤) فالصواب نصب "كلّ" بـ "نحلت"؛ لأنّه لم يشغل عنه بضميره، والرفع بعيد، وإنّما موضعه الشعر، وعلى ذلك كله نصّ سيبويه (٥).


(١) ابن سعد بن ثعلبة الأنصاري، وهو مشهور، له ولأبيه صحبة. خاله عبد اللَّه بن رواحة. قال الواقدي: كان أول مولود في الإسلام من الأنصار بعد الهجرة بأربعة عشر شهرًا. كان كريمًا جوادًا شاعرًا، وكان أميرًا على الكوفة لمعاوية سبعة أشهر، ثمّ أميرًا على حمص له أيضًا، ثمّ ليزيد، فلما مات يزيد صار زبيريًا، فخالفه أهل حمص، فأخرجوه منها واتبعوه وقتلوه، وذلك بعد وقعة مرج راهط، وكان قتله سنة (٦٥ هـ).
ينظر ترجمته في: "الاستيعاب" (٤/ ١٤٩٦)، و"الإصابة" (٦/ ٤٤٠).
(٢) إسناده ضعيف: أخرجه النسائي (٣٦٨٤) من طريق زكريا بن أبي زائدة عن الشّعبيّ عن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود مرفوعًا، وهذا إسناد مرسل، فإن عبد اللَّه بن عتبة من كبار التابعين، وزكريا مدلس، وقد عنعنه.
إِلَّا أن الشّيخ الألباني - حفظه الله - صحح الحديث في الجملة بمجموع الطرق والشواهد، وذلك في "صحيح سنن النسائي" (٣٤٤٥).
قلت: وأصل الحديث في "الصحيحين" - على ما سيذكر في التخريج الآتي - من حديث النعمان.
(٣) وهذا على الرِّواية الّتي سترد بعد، وأمّا الّتي معنا فلفظها "كما"، والكاف في معنى "مثل".
(٤) صحيح: أخرجه البخاريّ (٢٥٨٦)، ومسلم (١٦٢٣)، وأبو داود (٣٥٤٢)، والنسائي (٣٦٧٢) وغيرهم.
(٥) ومنه قول أبي النجم العجلي:
قد أصبحت أم الخيار تدعي ... عليَّ ذنبًا كُلُّه لم أصنع
برفع "كلّ".
وانظر: "الكتاب" (١/ ٨٥، ٨٨، ١٣٧، ١٣٨، ١٤٢).

<<  <   >  >>