للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"أدرى" فيه؛ لأنّها قد عملت بطريق الظّاهر [والمعنى] (١) أن المسلمين تركوا الإغارة على صرمها مع القدرة على ذلك، فلهذا رغَّبتهم في الإسلام، أي: قد تركوا الإغارة رعاية لكم، ويكون مفعول "ما أدري" محذوفًا، أي: ما أدري لماذا تمتنعون من الإسلام أو نحو ذلك.

وفيه: "وكَانَ آخِرَ ذَلِكَ أَنْ أُعْطي": "آخر" بالنصب أقوى على أنّه خبر "كان" مقدم، و"أن أعطى" في موضع رفع اسم "كان"؛ لأنّ "أن" والفعل أعرف من الاسم المفرد. ويجوز رفع "آخر" ونصب "أن أعطى"؛ لأنّ كليهما معرفة، وقد جاء القرآن بهما في نحو قوله تعالى: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا} [النمل: ٥٦] بالنصب والرفع (٢).

وفي حديث أبي زيد عمرو بن أخطب (٣):

(٣٢٣ - ١) فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللهِ! ! كَانَ هَذَا يَوْمًا الطَّعَامُ فِيهِ كَرِيهٌ" (٤):

"هذا" اسم "كان"، و"يومًا" ظرف لـ "هذا"، والجيد أن يكون "يومًا" خبر "كان"؛ لأنّه أراد بـ "هذا" الذَّبْحَ، وهو مصدر، وظرف الزّمان يجوز أن يكون خبرًا عن المصدر.


(١) سقط في خ.
(٢) وقرأ برفع "جواب": الحسن؛ كما في "المحتسب" (٢/ ١٤١)، و"البحر المحيط" (٤/ ٣٣٤)، و"الدر المصون" (٣/ ٢٩٨)، ط. دار الكتب العلمية.
(٣) مشهور بكنيته، يقال: إنّه من بني الحارث بن الخزرج، غزا مع رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - غزوات، ومسح رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - على رأسه، ودعا له بالجمال، فيقال: إنّه بلغ مائة سنة ونيفًا وما في رأسه ولحيته إِلَّا نبذ من شعر أبيض، وهو جد عروة بن ثابت.
ينظر ترجمته في: "الاستيعاب" (٣/ ١١٦٢)، و"الإصابة" (٧/ ١٦٦).
(٤) إسناده ضغيف: أخرجه أحمد (٢٠٢١٠) بلفظ: "كان هذا يوم الطّعام فيه كريه ... "، وفيه عمرو ابن بُجْدان، قال الحافظ: لا يعرف حاله.
ولكن وجدت له شاهدًا من حديث البراء بن عازب، أخرجه مسلم (١٩٦١)، والترمذي (١٥٠٨)، وأحمد (١٨٠٦٢)؛ أن خاله أبا بردة بن نيار ذبح قبل أن يذبح النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -، فقال يا رسول الله إن هذا يوم اللّحم فيه مكروه، وإني عجلت نسيكتي لأطعم أهلي وجيراني وأهل داري. فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "أعد نسكًا" فقال: يا رسول الله، إن عندي عناق لبن، هي خير من شاتي لحم. فقال: "هي خير نسيكتيك، ولا تجزي جذعة عن أحد بعدك" لفظ مسلم.

<<  <   >  >>