للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كذا وقع في هذه الرِّواية ويريد بذلك جمع نار، وألف "نار" مبدلة من واو، كقولك: تنورت النّار، ومنه النور والأنوار، وتجمع النّار على نيران؛ وأصل الياء واو أبدلت ياءً لسكونها وانكسار ما قبلها؛ مثل ريح ورياح، إِلَّا أنّه حمل "الأنيار" على "النيران" حيث شاركها في الجمع، كما قال بعض أهل اللُّغة في ريح أرياح لما رآهم قالوا: رباح. حكى ذلك ابن جني في بعض كتبه (١).

وفي حديث أبي موسى الأشعري، واسمه عبد اللَّه بن قيس:

(٢٣١ - ١) " إِذَا مَرَّتْ بِكَ جَنَازَةُ يَهُودِيًّ أو نَصْرَانِيًّ أو مُسْلِمٍ فَقُومُوا لَهَا" (٢):

خاطب في الابتداء الواحد، ثمّ عاد إلى الجمع، والمراد أنّه خاطبه إمّا لأنّه كان وحده، أو لأنّه كان المُعَظَّمَ من دونهم، فلما وصل إلى الحكم الّذي هو القيام عمّ، إمّا ليعلم من كان معه أن الحكم عام، أو ليأمر أبو موسى من يكون (٣) معه وقت مرور الجنازة أن يفعلوا ذلك.


(١) قال ابن جني: " ... ، ونحو ذلك ما يحكى عن عُمَارة بن عقيل من أنّه قال في جمع ريح: أرياح؛ حتّى نُبَّه عليه، فعاد إلى أرواح، وكأن أرياحًا أسهل قليلًا؛ لأنّه قد جاء عنهم قوله:
وعليًّ من سَدَف العشي رياح
فهو بالباء هذا آنس.
وجمع هذا الباب غلبة الياء على الواو لخفتها؛ فهم لا يزالون تَسَبُّبا إليها، ونجشًا عنها، واستثارة لها، وتقربًا ما استطاعوا منها".
"الخصائص" (١/ ٣٥٧)، ووازن مع (١/ ٣٥١ - ٣٥٢)، (٣/ ٢٩٨).
(٢) إسناده ضعيف: أخرجه أحمد (١٨٩٩٧)، ولفظه: "إذا مرت بكم جنازة ... "، وفي سنده ليث ابن أبي سليم، قال الحافظ: صدوق، اختلط جدًّا، ولم يتميز حديثه فترك.
إِلَّا أن أصل الحديث صحيح؛ فقد أخرجه البخاريّ (١٣٠٧)، ومسلم (٩٥٨)، والترمذي (١٠٤٢) وغيرهم من حديث عامر بن ربيعة؛ أن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قال، "إذا رأيتم الجنازة، فقوموا حتّى تخلفكم أو توضع" لفظ مسلم.
واعلم أن الأمر بالقيام للجنازة منسوخ، وانظر في هذا: "الاعتيار في الناسخ والمنسوخ من الآثار"، لأبي بكر الحازمي، (ص ٣٠٨)، تحقيق د. عبد المعطي أمين قلعجي، نشر جامعة الدراسات الإسلامية - كراتشي - باكستان.
(٣) في خ: كان.

<<  <   >  >>