للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنه قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} [الكهف: ١٠٣] ويجوز أن يكون "محاسنكم" جمعًا لا واحد له من لفظه؛ كما قالوا: مشابه، وليس واحده مشبهًا بل شبه (١)، كذا ههنا يكون والواحد [أحسن. وجعل الميم في الجمع عوضًا من الهمزة، وتكون [أخلاقًا] تمييزًا لا غير، وكذلك "مساوئكم أخلاقًا" .. الحديث] (٢).

وفي حديث جرير بن عبد اللَّه البجلي (٣):

(٩٤ - ١) أنّه قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - في الحث على الصَّدقة، وقرأ آيات آخرها:


(١) قال في "اللسان" (٤/ ٢١٨٩): " ... وبينهما شبه - بالتحريك - والجمع مَشَابِهُ، على غير قياس؛ كما قالوا: محاسن، ومذاكير".
(٢) سقط في خ.
وقد استشكل السيوطيّ قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "أبغضكم إليَّ"، فنقل أقوال أهل العلم في الجواب عن ذلك، وكان عنهم الأندلسي في شرحه على "المفصل"، قال:
"واعلم أن لفظة "أفعل" تستعمل على معنبين: أحدهما: هي فيه بمنزلة "فاعل"، نحو: الناقص والأشج أعدلا بني مروان. أي: عادلا بني مروان.
والآخر: المقصود منه التفضيل على من شاركه في أصل تلك الصِّفَة الّتي جرى التفضيل فيها. قال: وقد اجتمع الأمران في هذا الحديث، فقوله: (ألَّا أخبركم بأحبكم إليَّ وأقربكم" من المعنى الثّاني، ، وقوله في بقية الحديث: "ألَّا أخبركم بأبغضكم إليّ وأبعدكم مني مجالس يوم القيامة أساوئكم أخلاقًا" من المعنى الأوّل.
فإن الظّاهر أنّه أراد غير المفاضلة، كأنّه قال: بغيضكم؛ فإنّه -عليه السّلام- ما كان يبغض أحدًا من أصحابه
وأمته، وهم المخاطبون بهذا الكلام ... "
إلى أن قال السيوطيّ: وقال الحاجبي: تقديره: بأحب المحبوبين منكم، وأبغض المبغوضين منكم، ويجوز إطلاق العام وإرادة الخاص للقرينة ....
قال السيوطيّ: والقول ما ذهب إليه ابن الحاجب (وهو الحاجبي)؛ لأنّ الخطّاب عام يدخل فيه البرّ والفاجر .... ". "عقود الزبرجد" (٢/ ١٠٣ - ١٠٥).
(٣) من بجيلة من اليمن، وعليه كثير أهل النسب. وهو صحابي مشهور، كان حسن الصورة. قال: ما حجبني رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - منذ أسلمت، ولا رآني إِلَّا تبسم. وقد اختلف في وقت إسلامه، ومال ابن حجر إلى أنّه كان قبل سنة عشر. وروى البغوي من طريق قيس عن جرير قال: رآي عمر متجرًا فقال: ما أرى أحدًا من النَّاس صور سورة هذا إِلَّا ما ذكر من يوسف. توفي عنة (٥١ هـ).
ينظر ترجمته في: "الاستيعاب" (١/ ٢٣٦)، و"أسدّ الغابة" (١/ ٢٣٣)، و"الإصابة" (١/ ٤٧٥).

<<  <   >  >>