للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٢٤٢ - ٧) وفي حديثه: "فَلَوْ كنتُ بِرُمَيْلَةِ مِصْرَ لأَرَيْتُكُمْ قُبُورَهُمَا" (١):

يشير إلى ملكين تزهدا وماتا جميعًا، والحديث مشهور (٢) في "المسند".

والقياس "قَبْرَيْهِمَا" ولكنه جمع؛ إمّا لأنّ التثنية جمع، فيما لأنّ كلّ ناحية من نواحي القبر قبر؛ كما قال امرؤ القيس (٣): [الطويل]

(٢٥) يَزِلُّ الْغُلَامُ الْخِفُّ عَنْ صَهَوَاتِهِ ... وَيُلوِي بِأَثْوَابِ الْعَنِيفِ الْمُثَقَّلِ

فقال:

"صَهَوَات" وليس الفرس إِلَّا صهوة واحدة، ، ويجوز أن يكون جمع لأنّ كلّ واحد له قبر واحد، وقد أضاف إلى المثنى فاستغني عن التثنية؛ لأمن اللبس؛ كما قال تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (٤) [التّحريم: ٤].


(١) إسناده ضعيف: أخرجه أحمد (٤٣٠٠)، وفيه المسعودي: عبد الرّحمن بن عبد اللَّه بن عتبة، رمي بالاختلاط، والراوي عنه هنا: يزيد بن هارون ممّن روى عنه بعد الاختلاط.
(٢) في ط: معروف.
(٣) في خ ورد عجز البيت هكذا: ... العنيف المجمل، والبيت كما أثبتناه في "ديوانه" (ص ٢٠)، ط دار المعارف، وصدره فيه هكذا:
يطير الغُلَامَ الخِفَّ ... .
والبيت كما أورده أبو البقاء في "لسان العرب" (خفف).
(٤) يقول ابن القيم - رحمه الله - في هذه الآية:
"إن لغة العرب متنوعة في إفراد المضاف وتثنيته وجمعه، بحسب أحوال المضاف إليه، فإن أضافوا الواحد المتصل إلى مفرد أفردوه، وإن أضافوه إلى اسم جمع ظاهر أو مضمر جمعوه، وإن أضافوه إلى اسم مثنى، فالأفصح في لغتهم جمعه، كقوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} وإنّما هما قلبان، وكقوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨]، وتقول العرب: اضرب أعناقهما. وهذا أفصح في استعمالهم" اهـ.
وقال ابن حزم - رحمه الله -:
" ... ، وقد نقل النحويون هذا الباب وقالوا: إن كلّ اثنين من اثنين، فإنّه يخبر عنهما كما يخبر عن الجمع، كأن العرب عدت الشيئين المخبر عنهما ثمّ أضافتهما إلى الشيئين اللتين هما منهما، فصارت أربعة، فصح الجمع، وأنشدوا في ذلك:
وَمَهْمَهَيْنِ قَذَفيْنِ مَرْتَيْنِ ... ظهراهما مثل ظهور الترسين ... " اهـ.
ينظر على التوالي: "الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة" (١/ ٣٢)، و "الإحكام" (٤/ ٤٢٢ - ٤٢٣).

<<  <   >  >>