للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سيبويه الحكاية على الغلط.

والوجه الثّاني: أن تكون الألف في "هذان" لازمة في كلّ حال (١)؛ كما قالوا: ضَرَبْتُهُ بَيْنَ أُذُنَاهُ. وعليه حمل قوله تعالى: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [طه: ٦٣] في أحد الأقوال.

فعلى هذين الوجهين يكون خبر "إن" [قوله: ] (٢) "فِي مكانٍ وَاحِدٍ"، ويجوز أن يكون قوله: "في مكان واحد" خبر "إِنِّي وَإِيَّاكَ"، ويكون "هذان" مبتدأو "هذاهـ عطف (٣) عليه، والخبر محذوف، وتقديره: وهذان وهذا كذلك. وقد أجازوا في قولهم: إن زيدًا وعمرو في الدَّار، أن يكون قوله: في الدَّار خبرًا عن "زيد"، وخبر "عمرو" محذوفًا، وأن يكون "في الدَّار" خبرًا عن "عمرو"، وخبر "زيد" محذوفًا.


(١) وهي ما تعرف بـ "لغة القصر"، وهي لغة بلحارث وبطون من ربيعة؛ قال ابن يعيش، رحمه اللَّه: وهي لغة فاشية ... وأمّا قراءة الجماعة: {إن هذان لساحران}، فأمثل الأقوال فيها أن تكون على لغة بني الحارث في جعلهم المثنى بالألف على كلّ حال؛ كأنّهم أبدلوا من الياء ألفًا لانفتاح ما قبلها وإن كانت ساكنة، كقولهم في ييأس يائس، وقال أبو إسحاق: الهاء مرادة، والتقدير: إنّه هذان لساحران، واللام مزيدة فيه للتأكيد، كما تدخل مع عدمها، وقال قوم: "إن" ههنا بمعنى "نعم"، والمعنى: نعم هذان لساحران، واللام مزيدة للتأكيد، وكان محلها أن تكون في الاسم، إِلَّا أنّهم أخروها إلى الخبر لوجود لفظ "إن" وإن كانت بمعنى نعم، وإذا كانوا قد أخروا لام التأكيد من الاسم إلى الخبر نحو قوله:
أم الحليس لعجوز شهربه ... ترضى من اللّحم بعظم الرقبه
على توهم أن لكثرة دخولها على المبتدأ، ، فلأن يؤخروها مع وجود لفظها أجدر.
وإلى هذا الوجه ذهب أبو عبيدة معمر بن المثنى ومحمد بنيد وأبو الحسن علي بن سليمان الأخفش.
وقد جاءت "إن" بمعنى "نعم" كثيرًا؛ قال الشاعر:
بكر العواذل في الصبو ... ح يلمنني وألومهنه
ويقلن شيب قد علا ... ك وقد كبرت فقلت إنّه
أي: نعم ... ".
ينظر: "شرح المفصل" (٣/ ١٣٠)، و "التبيان" (٢/ ٨٩٤)، و"إعراب القرآن" للنحاس (٣/ ٤٣ - ٤٧)، و"شواهد التوضيح" (ص ٩٧ - ٩٨).
(٢) زيادة من ط.
(٣) في ط: معطوف.

<<  <   >  >>