للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن .. قد تخرج الرِّواية عن وجه من الأوجه الجائزة في لغة العرب، وحينئذ يحكم العكبري بأنّها لحن من قبل الرواة؛ فإن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - وأصحابه بريئون من اللحن.

ومثاله: ما صنعه في تاويل رواية "إنّما بنو هاشم وبنو المطلب شيئًا واحدًا".

إِلَّا أن أبا البقاء - رحمه اللَّه! - لم يقتصر على الألفاظ المشكلة في كلام النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - وكلام أصحابه، بل تعدى ذلك إلى ألفاظ هي ممّن دونهم:

ومثاله: أوَّلًا: ففي حديث أنس "قلت: فمه"، علّق عليها العكبري، وليست من كلام النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - ولا كلام أصحابه، بل هي من كلام الراوي عن أنس، وهو علي بن زيد بن عبد اللَّه بن جدعان.

ثانيًا: في حديث - عقبة بن عامر " ... إِلَّا يتصدق فيه ولو كعكة"، فهذه الجملة هي من كلام يزيد بن أبي حبيب سُوَيْد، وهو أحد رجال السند.

ثالثًا: وفي حديث عقبة أيضًا: "صحبتك رسول اللَّه - صلّى الله عليه وسلم -، أحببنا أن نسير معك" وهذه من كلام رجال من أهل الشّام قالوها لعقبة، والقصة في "المسند" عن عبد الرّحمن بن عائذ قال: انطلق عقبة بن عامر الجهني إلى المسجد الأقصى

ليصلّي فيه، فاتبعه ناس، فقال: ما جاء بكم؟ قالوا: صحبتك .. فذكره".

رابعًا: في حديث عمران بن الحصين "مكتوب في الحكمة: إن منه وقارًا .. "، وهي من كلام رجل من أحياء العرب سمع عمران يحدث عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "الحياء خير كله" فقال بُشَيْرُ بنُ كَعْبٍ (١): "مكتوب في الحكمة: إن منه

وقارًا ومنه سكينة" فقال له عمران: أحدثك عن رسول اللَّه وتحدثني عن الصحف؟ ! .

وقد يتعلّق بالرواية المشكلة بعض المسائل العقدية الّتي تترتب عليها، فتدخل ضمن "مشكل الحديث وذلك كحديث: "قد رأيته نورًا، أنى أراه؟ "،


(١) وهو المقصود بـ "رجل من الحي" في رواية أخرى في "المسند".

<<  <   >  >>