الثَّالِثُ: لَوْ قَال: "افْعَل دَائِمًا أَوْ لَا دَائِمًا"- لَمْ يَكُنِ الأَوَّلُ تَكرَارًا، وَلَا الثَّانِي نَقضًا.
الرَّابعُ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلأَمْرِ إلا طَلَبُ إِدْخَالِ الْمَصْدَرِ فِي الوُجُودِ، وَلَا مَعْنَى لِصِيغَةِ الْمَاضِي إلا الإِخْبَارُ عَن حُصُولِ الْمَصْدَرِ فِي الزَّمَانِ المَاضِي، ثُمَّ الْمَصْدَرُ لَا دَلَالةَ فِيهِ عَلَى التَّكرَارِ؛ وَإِلَّا لَمَا صَدَقَتْ صِيغَةُ الْمَاضِي إلا عِنْدَ التَّكرَارِ؛ فَوَجَبَ أَلَّا يُفِيدَ الأَمْرُ التَّكْرَارَ.
===
قوله "وللوَحْدة أُخرى" يعني: كقوله -عليه الصلاةُ والسلام-: "حُجُّوا". قولُه: "والأَصْلُ عدم الاشْتراكِ والمجاز"، يعني: لافْتقارهما إِلى القرينة.
قوله: "والدَّالُّ على الاشْترَاكِ غيرُ دالٍّ على ما به الامْتياز، لا بالوضْعِ ولا بالاسْتِلْزَامِ "- لا
يعني بالاستلزام: اللَّازم الخَارِجي، بل اللازم مُطلقًا؛ ليعم به أقسام الدَّلالات الثلاث، ويعني: أن العام لا يدلُّ على الخاصِّ لَا حَقِيقةً ولا مجازًا.
قوله: "الثاني: أَنَّ هذه الصيغة لو دَلَّت على التكرار -لَدلَّت: إما على التَّكْرَار الدائم، وهو باطل بالإِجماع" -يعني: لما فيه مِن تكليفِ المحال ولزوم نسخ الأمر الأول عند توجه الأمر الثاني.
قولُه: "أو على التَّكْرَارِ بحسب الوقْتِ المعين، وهو باطِلٌ " -يعني؛ لأنه ترجيحٌ بلا مرجِّح.
وما ذكره لا يُعَيِّنُ دعواه؛ لأَنَّهُ لم يدلَّ على إِبطال الموحدة، وإِنما ينتج له إِبطال مذهب الخَصْم بالتكرار فقط.
ورد: بأَنَّها تقتضي التكرارَ بحسب الإِمكان؛ كما لو وردت مُقَيَّدةً بالتكرار.
قوله: "الثَّالِثُ: لو قال: "افعل دائمًا، أو لا دائمًا" لم يكن الأول تكرارًا ولا الثاني نقضًا". وردَّ: بأَنَّ الأول تاكِيدٌ، والثاني لتعيين المجَازِ.
قوله: "الرابعُ: اتفقوا على أَنَّهُ لا معنى للأمر إلَّا طلبُ إدْخال المصدر فِي الوجود، ولا مَعْنى لصيغة الماضي إلا الإِخبارُ عن حصول المصدر فِي الزمان ... " إِلى آخره.
حاصله: أَنَّ أمثلةَ الأفعال الخمسة اشتركَت فِي الدَّلالةِ على المصدر، والزمان المعين، ولا فَارِقَ بين "فعل"، و"افعل" فِي الزمان إلَّا المضي، والاسْتقبال، والماضي لا يُشْعِرُ بالتكرار،