للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْخَامِسُ: لَوْ قُلْنَا: "إِنَّ الأَمْرَ يُفِيدُ التَّكْرَارَ"؛ فَحَيثُ لَا يُفِيدُهُ -لَزِمَ تَرْكُ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَلَوْ قُلْنَا: "إِنَّهُ لَا يُفِيدُهُ"؛ فَحَيثُ حَصَل التَّكرَارُ- حَصَلَتْ زِيَادَةٌ لَا يَتَعَلَّقُ اللَّفْظُ بِهَا: لَا ثُبُوتًا، وَلَا عَدَمًا؛ وَلَا شَك أَنَّ هذَا أَوْلَى.

السَّادِسُ: أَنَّ الإِيجَابَ حَرَجٌ، وَعُسْرٌ، وَضَرَرٌ؛ فَكَانَ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ التَّكْرَارِ تَقْلِيلٌ لَهُ؛ فَكَانَ أَوْلَى].

===

فكذلك المستقبلُ وأكد ذلك بالإِجماع على بر من حلف "لَيَفْعَلَنَّ كذا بالمرَّةِ وكذلك لو نَذَرَهُ".

ورُدَّ: بأَنَّ ذلك يرجع إلى أحكام الشرع، والبحْثُ فِي مقتضى اللسان.

وأُجِيبَ: بأَنَّ حكم الشرع فِي هذه المواضع مَبْنِيٌّ على المفهوم مِنْ إِشعار اللفظ، وإنما يَرُدُّ على هذه الحُجَّةِ قولُه: "لا تفعل" إن سلم أنَّه يقتضي التَّكْرار، وسيأتي الفرقُ بينهما إِنْ شاء الله تعالى.

قوله: "الخامس: لو قلنا: إِنَّ الأَمر يُفِيدُ التَّكْرَارَ، فحيثُ لا يفيد، يلزمُ ترك العمل بمقتضى اللَّفْظِ:

ولو قلنا: إِنَّهُ لا يفيد فحيث حصل التكرار، لم يحصلْ منه مُخَالفَةٌ".

تمام هذه الحُجَّةِ أَنْ يُقال: ولو قلنا: إِنه يفيد المرة، فحيثُ يفيد التكرار، لزم منه مُخَالفَةُ الأَصْلِ، فيجعل حقيقةً فِي القدْرِ المشترك، وهي قريبةٌ من الحُجَّة الأولى.

قوله: : السادس: التكرار حَرَجٌ وعُسْرٌ وضَرَرٌ ... " إِلى آخرها - واضِحٌ.

قوله: "حجة المُخَالِف": يعني القائِل بالتَّكْرارِ فقط؛ فإِنَّا قدَّمنا فِي أول المسْألةِ أَنَّ المخالفين فِرَقٌ:

الفِرْقَةُ الحامِلَةُ لها على المرة لفظًا، والفِرْقةُ الواقفية على اخْتِلَاقِها فِي الوقف، وأشرنا إِلَى حُجَجِهم، والاعتراض عليها؛ لإِعْرَاضِ المصنِّف عنها، ولم يبق إلا الاحْتِجَاجُ للقائلين بالتَّكرَارِ.

قوله: "النَّهْيُ يفيد التكرارَ، وكذلك الأَمْرُ".

اعْتُرِضَ عليه: بأنَّ هذا قياسٌ فِي اللغة، ولا يَصِحُّ.

وأُجِيبَ عنه: بأنَّ القياسَ الممتنِعَ فِي اللغة -على رأى- أَنْ نَجِدَ مُسَمَّى باعتبارِ معنى، ويتحقق ذلك المعنى فِي غيره، فهل يكون مُسَمَّى بذلك الاسم أو لَا؟ والخِلَافُ ها هنا فِي لَوَازِم مَدْلُولات الأَلفاظ المعنوية؛ فإنَّ البحث فِي لازم الأمر فِي كُلِّ لغة.

قوله فِي الجمع: "لأنَّ كلَّ واحدٍ من الضدين يجب أَنْ يكون حُكْمه مثل حكم ضده".

هذا ضَعِيفٌ جدًّا؛ فإنَّه لا يلزم مِنِ اشْتراك المختلفين فِي حُكْمٍ عام، اشتراكها فِي سائر الأَحْكام.

وأَقْرَبُ ما يقرر به الجمع أَنَّ العرب قد تحمل الشَّيءَ على نقيضه، كما تحمله على نظيره؛

<<  <  ج: ص:  >  >>