للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيضًا -لَا يُبْصِرُ-: كَانَ التَّقْيِيدُ بِكَوْنِهِ طَويلًا، وَبِكَوْنِهِ يَهُودِيًّا -عَبَثًا، فَلَمَّا اتَفَقُوا عَلَى هَذَا الاسْتِقْبَاحِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى تَعْلِيلِ هَذَا الاسْتِقْبَاحِ بِهَذَا المَعْنَى-: ثَبَتَ لَكَ أَنَّ هَذَا الاسْتِقْبَاحِ حَاصِل فِي العُرْفِ العَامْ، وَفِي كُلِّ اللُّغَاتِ.

الثَّانِي: التَّخصِيصُ بِالصِّفَةِ، لَا بُدَّ لَهُ مِنْ فَائِدَةٍ؛ وَانتِفَاءُ الحُكْمِ عَنْ غَيرِ تِلْكَ الصُّورَةِ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ فَائِدَةً؛ بِدَلِيلِ أَنَّ المُتَبَادِرَ إِلَى الفَهْمِ فِي العُرْفِ العَام - لَيسَ إلا هذَا؛

===

يرد عليه: بأنه: لَا يَتَعَيَّنُ الاستقباحُ لأجل ذلك، بل يعارِضُهُ احتمالُ الإِخبارِ عنِ المعلوم.

قوله: "الثاني: أنَّ التخصيصَ بالصفة لا بُدَّ له من فائدة ... " إلى آخرهِ، الحُجَّةُ عَوَّلَ عليها الشافعي -رحمه الله- وهو أَنَّ التخصيصَ من العالِمِ بمواقِعِ الخطاب، ونزولُهُ من الأَعَمِّ إلى الأَخَصِّ لا بُدَّ أَنْ يكونَ عن قَصْدٍ، فلا بُدَّ له من فائدة، ويتعين حَمْلُهُ من الشارع على فائدة شرعِيَّةٍ ما أمكن، واختصاصُ الحكم من الفوائد الشرعية، فيحمل عليه.

واعتُرِضَ عليه: بمنع حَصْرِ الفائدة؛ فإنَّ من فوائد التخصيص العنايَةَ بالمذكورِ، أو التنبيه بالأدنى على الأعلى، مع موافقة الحكم، وكذلك عكسُهُ، وهو التنبيهُ بالأعلى على الأدنى، أو لأَنَّ المذكورَ فِي مَظِنَّةِ الخفاءِ، أو اختصاصه بسؤال سائل، أو ترك النَّظَرِ فيه إلى المُجْتَهِدِ؛ لِيَبذُلَ جُهْدَهُ فِي إلحاقه؛ فيثاب عليه، أو لخروجِهِ مخرجَ الغالب، فتعيينُ فائدة التخصيص تحكم به.

وأجاب صاحب الكتاب: بأنها المتبادِرَةُ إلى الفهمِ، والخَصْمُ لا يُسَلِّمَ ذلك؛ بل الحق: أنَّه إنْ لم يظهر سواها، فتتعين.

وإنِ احتمل غيرَ ذلك اعتبر الراجحَ وَإِلَّا كان مجملًا، وقدِ اعتمد بعضُ الأئمةِ فِي إثبات مسألة دلالةِ المفهوم على أنَّه قال به كثيرٌ من أئمة العربية كـ "أبي عبيدة" وغيرِهِ.

قال: والشافعيُّ -رحمه الله- منهم، وقد احتجَّ الأصمعيُّ بقوله، وصَحَّحَ عليه ديوان

<<  <  ج: ص:  >  >>