. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
والرَّدَّانِ ضعيفان:
أما الأَوَّل: فإِنَّ الذَّمَّ نَوْعٌ من العِقَابِ العَاجِلِ، وهو خلافُ ما فَرَضَهُ القاضي.
أما الثاني: فلأن العَفْو يستدعي استحقاقَ العقابِ، فقد سَلِمَ تَعَلُّقُهُ به.
ومِمَّا اخْتُلِفَ فيه: أَنَّ المَنْدُوبَ مأمورٌ به أو لا؟
فذهب القاضي إِلى أنَّه مأمور به؛ لأَنَّ فِعْلَهُ طَاعَةٌ، والطَّاعَةُ مُوَافَقَةُ الأَمْرِ.
وَاعْتُرِضَ عليه: بأنه لا يَعْصِي بِتَرْكِهِ.
وَأُجِيبَ: بِأَنَّ العِصْيَانَ اسمُ ذَمٍّ؛ فلا يُطْلَقُ على تَارِكِهِ.
قالوا: والخِلَافُ لَفْظِيٌّ.
والتحقيقُ: أنَّه ليس بلفظِيٍّ؛ فَإِنَّا إِذَا قُلْنَا: إِنَّهُ مَأمُورٌ، فَإذَا وَرَدَ فِي الأَخْبَارِ: أَمَرَنَا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بكذا، أو أُمِرْنَا بكذا - لم يَتَعَيَّن الوجوبُ إلا بقرينة، وإِنْ لم يكن مَأْمُورًا تَعَيَّنَ الوُجُوبُ، فتظهرُ ثَمَرَةُ الخِلَافِ؛ قاله المَازِرِيُّ.
ومِمَّا اخْتُلِفَ فيه: معنى التَّكْلِيفِ:
قال القاضي: هُوَ طَلَبُ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ؛ فَيَدْخُلُ فيه الواجِبُ، والمُحَرَّمُ، وَالْمَنْدُوبُ، والمَكْرُوه.
وقال الإمامُ: هو إِلْزَامُ ما فِيهِ كُلْفَةٌ؛ فَإِنَّ التكليفَ يُشْعِرُ بتطويق المَشَقَّةِ، وَلَا مَشَقَّةَ فِيمَا جُعِلَ زِمَامُ الخَيرِ فِي تَركه إلى المُكَلَّفِ.
والقاضي يقول: إِنَّ رَبْطَ الثَّوَابِ بِفِعْلِهِ يَحْمِل العاقِلَ على فِعْلِهِ، والخِلَافُ فيه لَفْظِيٌّ.
وَأَمَّا الإِبَاحَةُ فليس من التكليف.