للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمِثلِ فِعْلِ الْغَيرِ وَذلِكَ بَاطِلٌ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُونَ أَتبَاعًا لِلْيَهُودِ فِي قَوْلِهِمْ: لَا إِلهَ إلا الله بَلِ الْمُتَابَعَةُ عِبَارَةٌ عَنِ الإِتيَانِ بِمِثلِ مَا فَعَلَهُ الْغَيرُ لأَجْلِ أَنَّهُ فَعَلَهُ ذلِكَ الْغَيرُ فَأَمَّا لَوْ

===

الأَوَّلُ: القَوْلُ بموجبها

وبيانه من أوجه:

الأَوَّلُ: أن الآية تَدُلُّ على تَحْرِيم اتباع غير سبيل المُؤمِنينَ عند المُشَاقَّةِ، ونحن نَقُولُ به، فأين دَلِيلُ التَّحْرِيمِ مُطلَقًا؟

الثَّانِي: أنه مَشرُوطٌ بتبين الهُدَى؛ لأنه مَعْطُوفٌ على تحريم مُشَاقَّةِ الرَّسُولِ بعد تبين الهُدَى، والعطف يقتضي الاشتراك، وتَبْينُ الهُدَى فيما أَجْمَعُوا عليه يَكُونُ بالوُقُوفِ على مُسْتَنَدِهِمْ، ونحن نقول به.

الثالث: ما ذكره المُصَنِّفُ أن لفظ "سبيل" مُفْرَدٌ مُضَافٌ إلى مُحَلَّى بحرف التعريف، فلا يُفِيدُ العُمُومَ، بل يكفي في العَمَلِ به تَنْزِيلُهُ على صُورَةٍ واحدة، فيحمل على السَّبِيلِ الذي صَارُوا به مُؤمِنِينَ، وهو الإِيمان.

الرابع: وإن سُلِّمَ عُمُومُ "سبيل" إلَّا أن مُقتَضَاهُ يَتَنَاوُلُ ترك كل سَبِيلِ المُؤمِنينَ، ونحن نقول به.

الخامس: أن المؤمنين كُلُّ مَنْ آمَنَ بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فاختِصَاصُهُ ببعض الأَعْصَارِ تَحَكُّمٌ لا ينتفع به إلَّا في الآخرة.

السؤال الثاني: سَلَّمْنَا العُمُومَ؛ إلا أنه عَامٌّ دَخَلَهُ التخصيص، والعَامُّ إذا خُصَّ صار مجملًا.

أمَّا أنه خُصَّ، فلأن عُلَمَاءَ العَصْرِ لو اتَّفَقُوا على فِعْلٍ مُبَاحٍ، لم يَجِبِ اتِّبَاعُهُمْ في فِعْلِهِ، وإِلَّا لكان المُبَاحُ وَاجِبًا. ولأنهم إذا خَاضُوا في المَسْأَلَةِ، فقد أَجْمَعُوا قبل اتِّفَاقِهِم على جَوَازِ المُخَالفَةِ فيها، فإذا اتَّفَقُوا، فقد أَجْمَعُوا على مَنْعِ المُخَالفَةِ، والعَمَلُ بهذين الإِجْمَاعَينِ يكون جَمْعًا بين النقيضين. فلا بد من تَرْكِ العَمَلِ بأحدهما.

وأما أن العَامَّ إذا خُصَّ صار مُجْمَلًا فَتَقْرِيرُهُ ما مَضَى في "باب العُمُومِ".

السؤال الثَّالِثُ: أن سَبِيلَ المُؤمِنِينَ حقيقة هو طريقهم، فحمله على طريقهم قَوْلًا وفِعْلًا يكون مَجَازًا وتأويلًا؛ فيفتقر في حَمْلِهِ عليه إلى دَلِيلٍ.

الرابع: لا نُسَلِّمُ أنه يَلْزَمُ من تَحْرِيمِ اتِّبَاعِ غَيرِ المؤمنين وُجُوبُ اتِّبَاعِ سبيل المُؤمِنِينَ؛ لأن بينهما وَاسِطَةً؛ وهو عَدَمُ اتباعهم.

وتقريره ما ذكره المصنف في الكتاب.

ثم لو سَلَّمْنَا لُزُومَهُ، فإنما يلزم من دَلِيلِ الخِطَابِ -أعني: مَفْهُومَ المُخَالفَةِ- وهو من أَضعَفِ الدَّلالاتِ، وقد مَنَعَهُ كثير من القَائِلينَ بِصِحَّةِ الإِجماع، فكيف يثبت به أَصْلٌ عَامٌّ قَاطِع في زعم مثبته مقدم على الكتاب والسُّنَّة؟ ! .

الخامس: أَنَّ الآيَةَ مُشتَرِكَةُ الدَّلالةِ، فإنها لو دَلَّت على عُمُومِ وُجُوب اتِّبَاعِ سبيل المؤمنين - لَدَلَّتْ على وُجُوبِ اتباعهم فيما هو سَبِيلُهُمْ في الحُكمِ؛ وهو الدلِيلُ التَّفْصِيلِيُّ في المسألة، لا

<<  <  ج: ص:  >  >>