للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلنَا: لَا مَعْنَى لِلنُّبُوَّةِ إلا كَوْنُهُ مُبَلغًا للأَحْكَامِ عَنِ الله تَعَالى، فَإِذَا جَوَّزنَا كَذِبَهُ فِي شَيءٍ مِن هذَا، فَقَدْ بَطَلَتِ النُّبُوَّةُ، وإنْ لَمْ نُجَوِّز ذلِكَ فَهُوَ الْمَقْصُودُ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ أَنَّ مَجْمُوعَ الأُمَّةِ مَعْصُومُونَ عَنِ الْكَذِبِ- كَانَ قَوْلُهُم صِدْقًا.

الرَّابِعُ: كُلُّ مَنْ أَخبَرَ الله تَعَالى عَنْهُ أَوْ أَخبَرَ رَسُولُ الله -عَلَيهِ السَّلَامُ- أَوْ دَلَّ الإجْمَاعُ عَلَى كَوْنِهِ صَادِقًا- ثَبَتَ الْحُكمُ فِيهِ.

===

الرِّسَالةُ؛ فوقعت العِبَارَةُ مستدركةً. ثم التبليغ لا يَختَصُّ بالأَحْكَام كما ذكر؛ فإن الرُّسُلَ -صلوات الله عليهم- مُبَشِّرُونَ مُنْذِرُونَ، وكما اشْتَمَلَ القُرآنُ على الأحْكَامِ، اشتمل على المَوَاعِظِ، والحكم، والأَمْثَالِ، والوَعْدِ، والوعيد، والإِنْبَاءِ عن قَصَصِ الأَوَّلين، والإخبار عما سَيَكُونُ.

وبالجملة: فإن المُعْجِزَةَ تَدُلُّ على الوَجْهِ الَّذي تحدى به؛ فإن ادعى النبوة فقط، وأقام المُعْجِزَةَ عليها، فلا بد من دَلِيلٍ زائد على عِصْمَتِهِ فيما يخبر به عن الله تعالى- بيان ادَّعى أنَّه رَسُول عن الله -تعالى- فِي جَمِيع ما يُبَلِّغُهُ عنه، فلا حَاجَةَ فِي عِصْمَتِهِ فِي ذلك إلى دَلِيلٍ زَائِدٍ على المُعْجِزَةِ.

قوله: "الثالث: أنَّه لما ثَبَتَ أن جَمِيعَ الأُمَّةِ مَعْصُومُونَ عن الكَذِبِ، كان قَوْلُهُمْ صدقًا":

هذا القَوْل حَقٌّ فِي نَفْسِهِ، لكنه لا يَصِحُّ منه دَعْوَاهُ مع اختياره أن دَلَائِلَ الإِجْمَاعِ ظنية.

قوله: "الرابع: كل من أَخْبَرَ الله -عَزَّ وَجَلَّ- عنه، وكل من أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو دَلَّ الإِجْمَاعُ على كَوْنِهِ صَادِقًا- يثبت هذا الحكم فيه":

يعني: أن كُلَّ من ثبت صدقه فهو صَادِق، وقد قِيلَ: إنَّ من الأَنْبِيَاءِ من لم يَكُنْ له

<<  <  ج: ص:  >  >>