الوُجُوهِ، وَالله تَعَالى مُتَعَالٍ عن جَمِيعِ المَنَافِع والمضار- كَانَ المَنعُ فِيهِ بخِلافِ ذلِكَ عَلَى الله تَعَالى مُحَالا.
أَما القسم الثالِثُ وَهُوَ أَن يَكُونَ ذلِكَ الفِعلُ مُشتَمِلا عَلَيهِمَا-: فَنَقُولُ: هذَا القِسْمُ عَلَى ثَلاثةِ أَقْسَامٍ؛ لأَنهُ: إِما أَن تَكُونَ الْمَصلَحَةُ رَاجِحَةً، أَو الْمَفْسَدَةُ رَاجِحَةً، أَوْ يَتَعَادَلانِ: فَإِن كَانَتِ المصلَحَةُ رَاجِحَةً، وَجَبَ الإِذنُ؛ لِوَجهينِ:
الأَولُ: أَنْ نُقَابِلَ المِثلَ بِالمِثلِ؛ فَيَبْقَى القدر الزائِدُ مصلَحَةً مَحضَةً خَالِيَة عَنِ المعارض، وَمُقتَضَاهُ: الإذنُ.
الثانِي: أَنا لَوْ مَنْعَنَا مِنهُ، لَزِمَ تَرجِيحُ المرجُوحِ عَلَى الراجِحِ؛ وَهُوَ مُحَالٌ.
وَإن كَانَتِ المَفْسَدَة رَاجِحَةً- وَجَبَ الْمَنع؛ لِعَينِ الدَّلِيلَينِ المَذكُورَينِ.
وَأَما إِن تَعَادَلا، تَسَاقَطَا؛ فَوَجَبَ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ.
أَمَّا القسم الرابع- وَهُوَ أن يَكُونَ خَالِيًا عَنِ المصلحة والمفسدة جَمِيعًا- فَحِينَئذٍ: لَم يُوجَدِ التعَارُضُ؛ فَوَجَبَ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ.
===
مُحَالٌ. القسمُ الثالث، وهو أن يكونَ الفعلُ مشتَمِلًا عليهما - فنقولُ: هذا القسم ثلاثة أقسام:
إِمَّا أن تكون المصلحةُ راجِحَة، أو المفسَدَةُ راجحة، أو يتعادَلانِ:
فإن كَانَ الأَوَّل، وجب الإِذنُ؛ لوجهين:
الأَوَّلُ: أنه إذا قوبِلَ المثل بِالمِثلِ، فيبقى القَدرُ الزائِد مصلحَة خالِيَةً عَنِ المُعَارَضَةِ.
الثاني: أَنا لَوْ مَنعنَا منهُ، لزم ترجيحُ المرجُوحِ على الراجِحِ؛ وهو محال.
وإن كان الثانِي وجَبَ المنعُ للدليلَينِ المذكُورَينِ.
وأَما إِن تَعَادَلا، تَسَاقَطَا؛ فوجب بقاءُ مَا كَانَ عَلَى ما كان. [أما القسم الرابع وهو أن يكون خاليًا عن المصلحة والمفسدة جميعًا- فحينئذ: لم يوجد التعارض؛ فوجب بقاء مَا كانَ عَلَى ما كان].
فَثَبَتَ بهذا التقسِيمِ أن القرآن والعَقلَ وافيَانِ بجميعِ أقسامِ التكلِيفِ إلى الأَبدِ.
لكن ها هنا بحث آخَرُ، وهو أَن فِي بعضِ الوقائع جاءت النصوص الدالة على أحكام تلك الوقائِعِ على سَبِيلِ التفصيلِ، وأَينَمَا وجَدنَا مِثلَ هذا النص، قدمناه على الطريق الأَول؛ لما ثبت أَنه يجبُ تَقدِيمُ الخَاص على العَام":
اعلم أن هذا المَسلَكَ مبنيٌّ على التحسِينِ والتقبِيحِ العقلي، وحَصرِ جِهةِ الحُكمِ في العقلِ المكلف به أو تَركِه؛ وقد تقدّم إبطالُ الأمرَين.