للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: الدَّلائِلُ التِي ذَكَرتُمُوها فِي جَانِبِ الإثبَاتِ أَضعَفُ بِكَثِير مِنْ هذَا الدلِيلِ.

وَأَيضًا: هب أَنهُ خَبَرُ وَاحِدٍ، إِلَّا أَنهُ يُفِيدُ أَن العَمَلَ بِالقِيَاسِ يُوجِبُ حُصُولَ الضرَرِ؛ فَوَجَبَ أَن يَكُونَ تركُ العَمَلِ بِهِ وَاجِبًا لِعَينِ مَا ذَكَرتمُوهُ مِنْ أَن الظن الراجِحَ وَاجِب العَمَلُ به.

الْحُجةُ الْخَامِسَةُ: أَن القياس لَوْ كَانَ حُجَّة-، لَكَانَ كَالثابِتِ الْمُطْلَقِ لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيَانِ وَقَائِعِ الْمُكَلفِينَ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ.

وَلَوْ كَانَ كَذلِكَ: لَكَانَ القول بِإِثبَاتِهِ مِنَ الأُصُولِ المهمة فِي الدِّينِ، وَمِنَ الوَقَائِعِ العَظِيمَةِ، وَلَوْ كَانَ كَذلِكَ، لَبَيَّن الرسُولُ - صلى الله عليه وسلم - أَنهُ حُجَّة، بَيَانًا شَافِيًا قَاطِعًا للعُذرِ.

وَحَيثُ لَم يُوجَد ذلِكَ: عَلِمنَا أَنهُ بَاطِل. وَهذَا هُوَ الدَّلِيلُ الذي عَوَّلَ عَلَيهِ الجُمهُورُ فِي بُطلانِ قَولِ الروَافِضِ فِي إِثبَاتِ النص عَلَى إِمَامَةِ عَلِي -رَضِيَ الله عَنهُ- حَيثُ قَالُوا: إِن النص عَلَيهِ لَوْ صَحَّ لَبَلَغَ فِي الشهرَةِ إِلَى حدِّ التوَاتُرِ؛ لِكونِهِ مِنَ الوَقَائِعِ العَظِيمَةِ؛ فَكَذَلِكَ نَقُولُ: لَوْ كَانَ القِيَاسُ حُجَّة فِي الشرعِ- لَكَانَ التنْصِيصُ عَلَى كَونِهِ حُجَّةَ بَالِغًا إِلَى حَدِّ التوَاتُرِ؛ لِكَونِهِ مِنَ الوَقَائِعِ العَظِيمَةِ.

===

وقوله "ما ذكرتُم مِنْ دلائِلِ الإِثباتِ، أضعَف":

قُلْنَا: مَمنُوع؛ فإنه لا يُعَارضُ الإِجماعُ القاطِعُ.

قولُهُ: "وأيضًا، فهو خَبَرُ واحدٍ، إِلا أنه يفيدُ أن الِعَمَلَ بالقياسِ يُوجِبُ حُصُولَ الضرَرِ؛ فوجب أَن يكُونَ تركُ العَمَلِ به وَاجِبًا؛ بعين ما ذَكَرتم من أن الطن الراجح واجب العَمَلُ به":

ويجابُ عنه: بأنه إذا تعارَضَتِ النصوصُ، فإن الترجيح لجانبنا يقطَعُ الطريقَ.

قوله: "الحجة الخَامِسَةُ:

لو كان القياسُ حُجَّة، لكان كالثابتِ المُطلَقِ لرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في بيان جمِيعِ وقائِعِ المكلفين

إلى يَوم القيامةِ، ولو كان كذلِكَ، لكان القَولُ بإثَباتِهِ من الأُصُولِ المُهمَّةِ في الدِّين، ولو كان كذلِكَ لَبَيَّنَ الرسولُ - عليه السلام - أنه حُجّة بيانًا شافيًا قاطعًا للعُذرِ، وحيث لم يوجدُ، عَلِمنا أنه باطل، وهذا هُوَ [الدليل] الذي عَوَّل علَيه الجمهورُ في بُطلان قَولِ الروافضِ بإِثباتِ إمامةِ عَلِي بالنص ... " إلى آخره:

الجوابُ عَنهُ من وجهينِ:

أَحَدُهُمَا: إِلزامُهم مِثلَهُ، وهو أنه لَوْ لم يكُنْ حُجَّة مع مَا يَلزَم مِنْ إِسنادِ الأحكامِ إِليه من المفاسِدِ العظيمةِ؛ بتقدير كونه غَيرَ حُجَّة- لَبَينهُ بيانًا قَاطِعًا.

الثاني: أَنهُ لَوْ لَم يبينهُ بيانًا شافيًا، لما انعَقَدَ الإِجماعُ القاطِعُ على العَمَلِ به، وقد انعَقَدَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>