للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا الْعِلْمُ: فَلَا يَكُونُ عِلَّةَ لِلمَعلُومِ؛ لأنَّ العِلمَ تَابعٌ لِلمَعلُومِ، وَتَابعُ الشَّيءِ لَا يَكُونُ مُؤَثرًا في الشيءِ، أَمَّا المُعْلُومُ: فَلأنَّهُ مُحدَثٌ؛ وَعِلمُ الله تَعَالى قَدِيمٌ، وَالمُحْدَثُ لَا يَكُونُ عِلَّة لِلْقَدِيمِ.

===

يكُونُ كذلك إذا تضمَّنَ ترتيبُ الحُكم عليه الإفضَاءَ إلى ما يُوَافِقُ الإنسَانَ في معاشِهِ أو معادِهِ، والموافِقُ له في الدَّارَينِ جَلْبُ منفعةٍ، أو دفعُ مَضَّرةٍ.

والمنفعةُ: قيلَ: هي اللَّذةُ أو الطرِيقُ إليها.

والمضرة: قيل: هي الألَمُ، أو الطريقُ إِلَيه.

وقيل: لا حَاجَةَ إِلَى ذِكرِ الطريقِ؛ فإِنَّ طريقَ اللَّذة لَذَّةٌ، وطريقَ الأَلَمِ أَلَمٌ، واللذَّةُ والألَمُ معلومان بالضرورةِ والوجدانِ، فَهُمَا غَنِيَّانِ عن التعْرِيفِ.

وإذا تقرَّر معنى "المُنَاسِب" فإنما يُنَاطُ الحكمُ به إذا كان ظاهرًا؛ لأن الحُكمَ خفيٌّ، والخَفِيُّ لا يُعَرِّفُ الخَفِيَّ، ومضبوطًا ليَعرف مجرى الحُكمِ من مُوَافقته كالشِّدَّة، وان كان خفيًّا كالرِّضَى بالنسبة إلى البَيْع؛ فإِنَّه من أفعال القلوب، ومتى تعلَّق الحُكمُ به بشخصَينِ، فلا بد له مِنْ مظنَّةٍ تَدُلُّ عليه؛ كالإيجاب والقَبُولِ في البيعِ، أو المعاطاة عند مَنْ يراها دَالَّةً على الرِّضَى،

<<  <  ج: ص:  >  >>