. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
عادته- يسْبِقُ إلى الظَّنِّ أنَّه إنما أعطا لِفَقرِهِ، وَإِنِ احتَمَلَ غيره.
ومثالُهُ في الشرْع: تعليلُ حِرْمَانِ القاتِلِ أَلَّا يرثَ؛ بالمعاقَبَةِ بنقيض مقصودِهِ؛ حتَّى يلحق به توريثُ المَبْتُوتَةِ في مرضِ المَوتِ؛ معاقبَةً للزوْجِ بنقيض مقصودِهِ، وتحليل الخَمْرِ بالنقلِ، وإن كان المناسِبُ مما عُهِدَ من الشَّرْعِ الالتفاتَ إليه؛ فلا يخلُو إما أنْ يدلَّ نَصٌّ صريحٌ، أو غيرُ صريحٍ، أو إِجماعٌ على اعتبارِ عينِهِ في عَينِ الحُكْمِ، أو جِنْسِهِ في جِنْسِ الحكمِ؛ ليخرج الغريبُ أو عينه في جنس الحكمِ، أو جنسه في عَينِ الحكمِ:
مثال الأَوَّل: شَرْع القِصاص؛ فإِنَّ فيه اعتبارَ جِنْسِ الجنايةِ في جنْس العقوبةِ، واعتبار الجناية الخاصَّة في العقوبة بمثْلها.
ومثال الثاني: اعتبارُ جنْسِ المشقَّة في جنْس التخفيفِ؛ كقياس الجَمْع في الحَضَر بعُذْرِ المَطَر؛ قياسًا على الجَمْع بعُذر السَّفَر، لو لم يرد نصٌّ في الجَمْع بالمَطَر.
ومثالُ الثالث: اعتبارُ عَين الصِّغَرِ في ولايَةِ البُقع؛ قياسًا على ولاية المَالِ.
ومثال الرابع: اعتبارُ جِنْس المَشَقَّة في إِسْقَاطِ قضاءِ الركْعَتَينِ عن المسَافِرِ بالقياسِ على إِسْقاطِ القضاءِ عن الحائِضِ.
وقد اخْتلفُوا في تلقيب هذه الأنواع، واتَّفَقُوا على تسمية الأَوَّل "مُؤَثِّرًا"، والثاني "مُلَائِمًا"، وألحق البزدوي الثالِثَ والرَّابِعَ بالمُلَائِمِ، وألحقها الشريفُ بالمُؤَثِّرِ.
ومِنَ النُّظَار من يفسِّر الملاءمةَ بمجرَّد المشابهةِ بتصرُّف الشَّرْعِ لا غَيرُ؛ وهذا لا يصلْحُ للترجِيحِ، وبعضُ الحنفيَّة يُطلِقُ المؤثِّر على كلِّ مُخِيل بأيِّ وجهٍ ثَبَتَ، ولا مشاحَّة في الألقَابِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ المقاصِدِ.
وقد أُورِدَ على قولِهِم: "اعتبارُ جنْسِ العلَّة" إِشكالٌ:
فقيل: ما تعني باعتبار جنس الوصْفِ؛ أتريدُ به المعنى الكُلِّيَّ المسمَّى جنسًا؟ أم تريدُ به الصورَةَ المُجَانِسَةَ؟ :
فإن أردتَّ به المعنى الكُلِّيَّ، فمتَى اعتَبَر الشَّارعُ عَيْنَه، كان مؤثِّرًا؛ ولَيسَ من شرط المُؤَثِّر ألا يَكُونَ عَامًّا.
وإن أردتَّ به اعتبارَ الصُّورة المجانِسَةِ، فاعتبارها بخصوصها أو بعُمومِهَا؟ : فإن كان الأوَّل، فلا يصحُّ القياسُ مع فِقدَانِهِ، ولا يتأتَّى إثباتُ التعْلِيلِ إلا به.
وإنْ كان الثَّاني، فهو المؤثِّر.
وجوابه: أنَّ مَنْ جوَّز القياسَ في الأسْبَاب، فلَهُ أن يَقُولَ: لَا يَضُرُّ الافتراقُ في الخصوصَينِ بعد اشتراكِهِمَا في تَحْصِيلِ المقْصُودِ والحِكمَةِ، ومَنْ ينفيه يَقُولُ: النَّصُّ والإِجماعُ يدلَّان على