للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو نفس أن لا تفعل (كالتهديد؛ كقولك لعبد لا يمتثل أمرك: لا تمتثل أمرى) وكالدعاء والالتماس؛ وهو ظاهر ...

===

(قوله: وهو نفس أن لا تفعل) أى: نفس عدم الفعل وفسره بذلك؛ لأن الترك يطلق على انصراف القلب عن الفعل وكف النفس عنه وعلى فعل الضد وعلى عدم فعل المقدور قصدا على ما فى المواقف، وهذه المعانى ليس شىء منها بمراد هنا، وإنما المراد عدم فعل المقدور مطلقا- كذا فى عبد الحكيم، وإذا علمت أن الترك يطلق على ما ذكر، فلا اعتراض على الشارح فى تفسيره الترك بعدم الفعل

(قوله: كالتهديد) أى:

كالتخويف والتوعد، وهذا مثال لغير الطلب الذى تستعمل فيه صيغة النهى مجازا

(قوله: لا تمتثل أمرى) أى: اترك أمرى، وإنما كان هذا تهديدا للعلم الضرورى بأن السيد لا يأمر عبده بترك امتثال أمره؛ لأن المطلوب من العبد الامتثال لا عدمه ودل على التوعد استحقاقه العقوبة بعدم الامتثال والتهديد خبر فى المعنى، إذ كأنه قال له: سترى ما يلزمك على ترك الأمر، والعلاقة بين النهى والتهديد السببية؛ لأن النهى عن الشىء يتسبب عنه التخويف على مخالفته.

(قوله: وكالدعاء والالتماس) عطف على قوله كالتهديد، وأورد عليه أنه لا يصح التمثيل بهما لاستعمال صيغة النهى فى غير طلب الكف أو الترك؛ لأن كلا منهما طلب كف على القول الأول، وطلب ترك على القول الثانى لا على سبيل الاستعلاء، وقد يجاب بأن فى كلام المصنف حذفا، والتقدير وقد تستعمل فى غير طلب الكف استعلاء وهذا صادق بغير الطلب أصلا كالتهديد وبالطلب لا على وجه الاستعلاء كالدعاء والالتماس كما ترشد إليه إعادة الكاف، أو أن إضافة طلب للكف للعهد أى:

فى غير طلب الكف المعهود وهو ما كان على جهة الاستعلاء كما أشرنا إلى ذلك سابقا، وحاصل ما ذكره الشارح أن صيغة النهى قد تستعمل فى الدعاء مجازا، وذلك إذا كانت على وجه التخضع والتذلل كقولنا: ربنا لا تؤاخذنا، وقد تستعمل للالتماس وذلك إذا كانت من المساوى بدون استعلاء وتخضع كقولك لا تعص ربك أيها الأخ، والعلاقة بين النهى وبينهما الإطلاق؛ لأن النهى موضوع لطلب الكف استعلاء فاستعمل

<<  <  ج: ص:  >  >>