للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ لا معنى للوم على ذات الشخص.

وأما تعيين المحذوف (فإنه يحتمل) أن يقدر: (فى حبه؛ لقوله تعالى: قَدْ شَغَفَها حُبًّا (١)، ...

===

اللاتى لمنها فى يوسف؛ وذلك لأن يوسف لما خرج عليهن وذهلن من جماله قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (٢) فقالت لهن امرأة العزيز فذلكن الذى لمتننى فيه أى: عليه، ففى بمعنى: على كما يرشد إلى ذلك قول الشارح، إذ لا معنى للوم على ذات الشخص حيث عبر بعلى دون فى مع أنه المطابق لقوله فيه

(قوله: إذ لا معنى للوم على ذات الشخص) أى: لأن اللوم لا يتعلق عرفا بالذوات، وإنما يلام الإنسان عرفا على أفعاله الاختيارية فإن قلت: حيث كان عدم تعلق اللوم بالذات وتعلقه بالأفعال الاختيارية أمرا عرفيا رجع الأمر إلى أن الدال على الحذف هو العرف والعادة لا العقل كما يأتى فى ترك اللوم على الحب. قلت: المراد بالإدراك العقلى ما يستقل فيه الدليل العقلى كنفى المجىء عن الرب تعالى، أو يكون من الأمور التى يعترف بها كل أحد بلا دليل، وإن كان مستنده عمل العرب كما فى تعلق اللوم. بالأفعال الاختيارية وعدم تعلقه بالذوات، فإن كل أحد يدرك ذلك من غير دليل عقلى بل من عرف العرب، وهذا بخلاف ترك اللوم على الحب الغالب فإنما يدركه الخواص باعتبار عادة المحبين

(قوله: وأما تعيين المحذوف إلخ) الحاصل أن العقل وإن أدرك أن قبل الضمير فى فيه حذفا لكن لا يدرك عين ذلك المحذوف؛ لأن ذلك المقدر يحتمل احتمالات ثلاثة والمعين لأحدهما هو العادة.

(قوله: فإنه) أى: قوله فيه يحتمل أن يقدر أى: المحذوف فيه

(قوله: لقوله تعالى) أى: حكاية عن اللوائم

(قوله: حبا) تمييز محول عن الفاعل أى: قد شغفها حبه أى:

أصاب حبه شغاف قلبها، وشغاف القلب: غلافه وغشاؤه أعنى الجلدة التى دونه كالحجاب، وإصابة الحب لشغاف قلبها كناية عن إحاطة حبها له بقلبها حتى أحاط بشغافه، وقيل المعنى: أصاب باطن قلبها، وقيل وسطه فى الأطول أى: خرق شغاف قلبها


(١) يوسف: ٣٠.
(٢) يوسف: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>