للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما كان من هذا الضرب) أى: من البعيد الغريب دون القريب المبتذل (لغرابته) أى: لكون هذا الضرب غريبا غير مبتذل (ولأن نيل الشىء بعد طلبه ألذّ) ...

===

تلك الأمور وهى حصول شىء يترتب عليه المنافع، فيحصل السرور به وتنسى عاقبة أمره، ثم يذهب ذلك الأمر بسرعة.

(قوله: ما كان من هذا الضرب) لم يقل منه؛ لأن المتبادر من الضمير عوده إلى خصوص ما كان التركيب فيه من أمور كثيرة، فلذا أظهر، والحاصل: أن بلاغة التشبيه منظور فيها إلى كونه بعيدا غريبا سواء كان وجه الشبه فيه تركّب من أمور كثيرة أو لا وسواء ذكرت الأداة أو حذفت، وحينئذ فإطلاق البليغ على التشبيه الذى حذفت أداته إطلاقا شائعا طريقة لبعضهم، وإلّا فهو يسمى مؤكّدا كما يأتى.

وقول المصنف: ما كان من هذا الضرب: ليس المراد أنه من أفراد هذا الضرب، بل المراد أنه نفس هذا الضرب كما علمت، وحينئذ فالأوضح أن يقول: والتشبيه البليغ هو هذا الضرب، ثم إن المراد بالبليغ هنا: الواصل لدرجة القبول فهو من البلوغ بمعنى الوصول، أو اللطيف الحسن مأخوذ من البلاغة بمعنى اللطف والحسن مجازا لا من البلاغة المصطلح عليها؛ لأنه إنما يوصف بها الكلام والمتكلم لا التشبيه، ولا يقال: يصح إرادة المصطلح عليها باعتبار الكلام الذى فيه التشبيه؛ لأنا نقول بلاغته حينئذ باعتبار المطابقة لمقتضى الحال، ولا وجه لاختصاص الغريب بالبليغ حينئذ، إذ ربما كان القريب المبتذل مطابقا لمقتضى الحال كما إذا كان الخطاب مع شخص يقتضى حاله تشبيها مبتذلا لبلادته وسوء فهمه، فلا يكون الغريب بليغا بل القريب المبتذل- كذا قرر شيخنا العدوى.

(قوله: لغرابته) علّة لتسمية هذا الضرب بليغا، فالغرابة موجبة للبلاغة فكل ما كان غريبا كان بليغا، إذ لا يخفى أن المعانى الغريبة أبلغ وأحسن من المعانى المبتذلة

(قوله: ولأن نيل الشىء) أى: حصوله بعد طلبه ألذّ أى: والغريب المذكور لا ينال إلا بعد التأمل والطلب، وهذا عطف على قوله لغرابته

(قوله: ألذّ) أى: من حصوله بلا طلب، ثم إن هذا لا ينافى ما تقدم فى باب حذف المسند من أن حصول النعمة الغير المترقبة ألذ لكونه رزقا من حيث لا يحتسب؛ لأن الطلب لا ينافى؛ الحصول الغير المترقب، لأنه يمكن

<<  <  ج: ص:  >  >>