للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فإن الانتقال من جمود العين إلى بخلها بالدموع) حال إرادة البكاء؛ وهى حالة الحزن (لا إلى ما قصد من السرور) الحاصل بالملاقاة ومعنى البيت: إنى اليوم أطيب نفسا بالبعد والفراق، ...

===

وهو قد يكون لازما يقال: سر زيد أى حصل له سرور فالمشاكلة حاصلة على كل حال

(قوله: فإن الانتقال إلخ) علة لجعل البيت مثالا للخلل فى الانتقال أى: لأن وإنما كان فى البيت تعقيد للخلل فى الانتقال؛ لأن الانتقال أى: لأن الصواب فى الانتقال من جمود العين وهو يبسها إنما هو إلى بخلها بالدموع عند طلبه منها، ومعلوم أنه لا يطلب ذلك منها إلا عند شدة الحزن، ويصح أن يكون علة لمحذوف أى: وقد أخطأ الشاعر فى جعله جمود العين كناية عن الفرح والسرور؛ لأن الانتقال إلخ، ويمكن أن الشارح أشار إلى ذلك بقوله: لكنه أخطأ إلخ.

(قوله: وهى) أى: حالة إرادة البكاء حالة الحزن

(قوله: لا إلى ما قصده) أى:

الشاعر من السرور إلخ، لظهور أن الذهن لا ينتقل إلى هذا بسهولة؛ لأنه يحتاج فى الانتقال لما قصده إلى الوسائط الكثيرة مع خفاء القرينة، وهذا بخلاف الإيهام الذى عد من المحسنات للكلام البليغ؛ لأنه إنما يعد محسنا عند وضوح القرينة على المراد وهو مفقود فى البيت؛ لأن المصراع الأول وإن دل على أن المراد بالجمود السرور، لكن شهرة استعماله فى الحزن تعارضها كما سبق تحقيقه، والاعتراض بأن سهولة الانتقال ليست بشرط فى قبول الكنايات، وإلا لزم خروج كثير من الكنايات المعتبرة عند القوم عن حيز الاعتبار مردود؛ لأن صعوبة الانتقال فى تلك الكنايات المعتبرة إن أدت إلى التعقيد فلا نسلم اعتبارها عندهم

(قوله: أنى اليوم أطيب نفسا إلخ) هذا يشير إلى أن السين فى قوله: سأطلب زائدة للتوكيد، لا أنها للاستقبال؛ لأن اليوم دال صريحا على أن طلب البعد إنما هو فى الحال فهو على حد قوله: سَنَكْتُبُ ما قالُوا (١) وهى وإن كانت فى الأصل للاستقبال والتوكيد إلا أنها جردت عن بعض معناها، وتجريد الكلمة


(١) آل عمران: ١٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>