للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فانزعج عليه صاحب الديوان / ١٠٩ ب / المذكور. واستفهم مولانا السلطان الصورة، فجذب عليه النّمشاه (١) وكاد أن يأخذ رأسه.

فقلت - وكان أكبر أمراء المشور وهو الأمير علاء الدين طيبرس (٢) الوزيري يسمعني -: نحن في مجلس تحاكم وتناصف وتشارع، لا مجلس حرج. ولما قاله جواب.

فقال لي: وما جوابه؟

فقلت: إذا رسم مولانا السلطان جاوبته وحاججته. فرسم لي.

فقلت له: يا غراب، إنّما احتاط الملك الظاهر على هذه عرقا نكاية لكم، لا أن يرفق بكم، ويأخذ المال مقسّطا. ثمّ إن العوامل بهذه البلدة والتقاوى (٣) والفلاّحين منه لا منكم، وبنوّابه لا بنوّابكم، وأرضها مملوكة له بالسيف، لا بل والكلّ، لأنّ الهدنة قد فسدت بإخلافكم بالشرط، وإنّما هو أبقى عليكم بأخذ البعض، وقابلت (٤) فاسده بالصّالح، وإن كان مقابلة الفاسد (بالفاسد) (٥) من وجوه النظر. واندفعت عليه اندفاع السّيل فبهت الذي كفر. فوافق، وما نافق.

واستقرّت الهدنة على هذا الشرط (٦).

وأمر مولانا السلطان الأ (مير) (٧) سيف الدين بلبان الرومي الدوادار أن يتوجّه لتحليف الإبرنس وقبض المال، وأن أتوجّه معه / ١١٠ أ / فتنصّلت لأمرين:

أحدهما: متابعة أمر قريبي صاحب الدّيوان في أن لا أفارقه.

والآخر: الفكرة في العقبى والمآل (٨).


(١) النمشاه - النمجاه: سيف لطيف خاص بالملك أو السلطان.
(٢) هو الأمير علاء الدين طيبرس الوزيري الصالحي النجمي، كان من الأمراء الأكابر المشهورين بالخير والشجاعة. لازم صحبة الملك الظاهر قبل أن يملك وبعد أن ملك. له أوقاف للبرّ بمصر والشام. توفي سنة ٦٨٩ هـ‍. (تالي وفيات الأعيان ٩٣ رقم ١٣٨).
(٣) التقاوى: الغلال، من حبوب ومزروعات وبقول وغيرها.
(٤) قابلت - واجهت. والمتحدّث هنا هو المؤلّف.
(٥) عن الهامش.
(٦) في شهر ربيع الأول سنة ٦٨٠ هـ‍. تمّوز (يوليو) ١٢٨١ م.
(٧) كتبت فوق السطر.
(٨) حسن المناقب، ورقة ١١٢ ب - ١١٤ ب.

<<  <   >  >>