للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

/ ٥٢ ب / الفارّين بين يدي الميسرة المنحازة ريثما كرّت، فكانت لها الكرّة وعادت فحمدت عاقبة العود بما نال (عين) (١) أعيانها من القرّة. فأكّد مولانا السلطان على الصدر فتح الدين في سرعة تجهيز طير البطائق ولا أسرع من الطير، وحثّ على أن يحثّ البريد تحتها السير. فأسرع الصدر فتح الدين إلى أن صار يسرّح الطير والبطائق مخلّقة بالزعفران من غير كتابه، ويضمّخ الطير فيأتي بأدلّ دلائل النصر عند داعي طايره المقابل بالإجابة.

وكنت قد أنشأت قبل الركوب للمصافّ ما يكتب به في هذه البشرى تفاؤلا بيمنها، وتبرّكا بحسن طنّها. وهي:

[ما يكتب به بعد الألقاب]

«نوضح لعلمه أنّا لمّا ركبنا على إسم الله بنيّة الغزو والجهاد، وفارقنا الأهل والوطن (لا نلوي) (٢) على العود، وتوقا لحسن الجزاء يوم المعاد. / ٥٣ أ / ولم نزل نطوي المراحل (مستنجزين) (٢) ليوم النصر الموعود مجدّين لشهادة وقته المشهود. ونحن واثقون من الله بالنصر والظفر. متحقّقون أن سيبلغ أدنى الرعيّة وأقصاها من نصرنا خير خبر. وما من منزلة إلاّ ونجد مع ترادف أخبار القوم وقوّتها في نفوسها انبعاثا وانشراحا، ولا أدلجنا في مهمه إلاّ ورأينا مساءه بانبساط خاطرنا صباحا، وعندما حللنا بحمص أخذنا في الأهبة بالحزم، وحدّدنا ما لم يرثّ من العزم. وأدّنّا في الناس بالجهاد فأتوا من كلّ فجّ عميق، وأعلنّا بكلمة التوحيد فتتابعت خيل الله يقفو منهم الفريق الفريق. وجاء نصر الله والفتح، واقتدح زناد سيوف الله فأنار الوجود بذلك الاقتداح، بما لمشهور ما في الأعداء من قدح. وبلغنا عن القوم وبلغهم عنّا، وأقبلوا علينا صورة إلاّ أنّا أقبلنا عليهم (صورة) (٢) ومعنى.

ولما كان / ٥٣ ب / يوم الخميس أقبل القوم وأقبلنا، إلاّ أنهم استدبروا من أمرهم ما استقبلنا، وشاهدوا من تنوّع قتالنا ما لم يكن لهم به يدان، ودانوا ودنّا إلاّ أنّا نصرنا بأشرف من به يدان، ورأينا جمعهم الملفّق فكانوا كالمثل المضروب بالذباب. الكثرة والتتان. ولم نلبث أن صدقناهم الحملة، فأتى كلّ مفرد من


(١) عن الهامش.
(٢) كتبت فوق السطر.

<<  <   >  >>