للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الظاهر. / ١٤ ب / فأشار مولانا السلطان بمعاجلة القوم، وخروج الملك السعيد في جيوش والده ليخلف أمسه في اليوم. فخرج وبرز على مسجد التبن، (١) وبه خيّم، وعلى قصد القوم حتّم، فأوهمته مماليك أبيه وحسّنت له مخالفته وتأبّيه. فعاد إلى القلعة، وما حمدت منه وقد رجع عن الصواب تلك الرجعة. وبلغ ذلك العدوّ فازداد طمعهم في البلاد، وساق أبغا بن هولاكو - لعنهما الله تعالى - إلى أن وصل إلى موضع المقتلة بمن حوله من السواد. وقربت الأخبار، وجاء من النوّاب بالشام أنواع الإنذار والإعذار. فصمّم مولانا السلطان على أن لا بدّ من الخروج ضربة لازم، وعزم عليه عزم اللبيب الحازم. فلم يسع الملك السعيد إلاّ الموافقة، وعزم، إلاّ أنها عزمة غير صادقة.

ولم يزل إلى أن وصل إلى دمشق، ومولانا السلطان يكنفه بحسن دفاعه، ويحيط عنه الأذى بأوليائه من خوجداشيته وأشياعه. / ١٥ أ / فاستقرّ بقلعة دمشق المحروسة، وغدت به (بعد) (٢) وحشة أبيه مأنوسه. ومولانا السلطان يرفرف عليه بحفظ جناح أبوّته، وإن كانت بنوّته هي المأمورة من الله بحفظه، ويترك حظّه من الملك وإن كان من استحقاقه أكبر حظّه.

وأمّا العدوّ، فإنّهم أحجموا، وفشلوا وما أقدموا، وخافوا وما حافوا، إلاّ أن الملك السعيد وافق من حوله من ذوي اللهو، وأرباب الزّهو، فانعكف وما اعتكف، واستمطر سحاب المكرم (الأكرم) (٣) وقد وكف. وما كفّ في تناوله ساعدا ولا كفّ. واحتجب عن الرأي وصوابه، والقول وجوابه.

وصار مولانا السلطان والأمراء الصالحيّة يحضرون إلى الخدمة فلا يؤذن لهم ولا يعتذرون، ويرجعون ولا تسل كيف يرجعون.

واستمرّ الحال على هذه الصورة، وصارت أوقات الملك السعيد على مثل ذلك مقصورة، لا بل محصورة.

[[غضب الأمراء من الملك السعيد لاستهتاره ولهوه]]

واتّفق أنّ مولانا السلطان وخوجداشيّته الأمراء الصالحيّة، وهم كالأمير علم


(١) مسجد التبن: يقع قرب المطرية. (السلوك ج ١ ق ٢/ ٦٨٤ حاشية ٣).
(٢) كتبت فوق السطر.
(٣) عن الهامش.

<<  <   >  >>