في الصدور والورود ما لا عنه مزيد، ووعّر بهم في حالتيه توعيرا لا يعرف منه المقصد أقريب أو بعيد.
[[استقبال السلطان لرسل ملك التتار]]
ولمّا أراد مولانا السلطان - خلّد الله ملكه - استحضارهم جلس على منبر ملكه في أحسن الهيئات، وأحسن الصّور الحسنات. / ٧٢ ب / وقد لبس من المجوهر ما يأخذ بالأبصار، وأكثر من نور شموع ليلة استحضارهم إلاّ أنّ نور وجهه بهر مالها من الأنوار، في مماليكه الخاصّ، وحفدته ذوو (١) الاختصاص، وقد بدوا كزهر الربيع ألوانا، وكالرياض التي تشوق وتروق عيانا. وجوه مقمرة، وأغصان قدود بالجمال مثمرة. في ملابس من الذّهب الإبريز، يخال أنّ الشمس طلعت ليلا بتوقّد أشعّتها الباهرة، متمنطقة بما يخيّل أنها فلك البروج السّيّارة، وإن شئت فقل السائرة. ودخلوا على مولانا السلطان وقد تأنّق مجلسه العالي الرواق، وظهر في أحسن الخلق وأشرف الأخلاق، ولسان حال كلّ منهم ينشد:
سامحاني إن اعتراني ذهول ... واعذراني فذا مقام يهول
ما على الأرض مجلس مثل هذا ... يرجع الطرف عنه وهو كليل
ولمّا واجهوا مولانا السلطان غضّوا الأبصار هيبة وإجلالا، / ٧٣ أ / وطرأ عليهم من الحصر ما لم يستطيعوا معه أقوالا.
ولمّا حصلوا في الحضرة، ومثّلوا واقفين بين يديه مشاهدين ما هو للعيون قرّة، وللقلوب مسرّة، طلب مولانا السلطان الصاحب فتح الدين بن عبد الظاهر صاحب ديوان المكاتبات، فحين حضر انتصب له قائما وإن كان ربّ وظيفة لا يتكلّف له القيام، وأمر بجلوسه، فجلس ميمنة على عادة الكتّاب من سالف الأيام. ثم أخذ يسأل بالتركي: ما المقصود بسفير معرّب بينه وبينهم، وما المراد الذي أوجب عن وطنهم بينهم.
فقال قطب الدين الشيرازي: ثمّ مشافهة وكتاب.
فأمر مولانا السلطان أن يسلّم الكتاب لصاحب ديوانه هذا، وأن تعاد عليه المشافهة إذ هو أفهم للخطاب، فتوقّف وقال: إنّما أمرت أن أشافه مولانا السلطان