للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[[الخلاف بين أمراء الملك السعيد بدمشق]]

واستقرّ الملك السعيد بدمشق، وعنده الأمير علم الدين سنجر (الحلبي) (١) الكبير، والأمير شمس الدين سنقر الأشقر، فإنهما كانا قد اعتقلا وأخرجا، وسافرا معه بلا أقطاع، وهذا أكبر أدلّة سوء التصرّف. وتأخّر عنده من مماليك والده جماعة، كالأمير شمس الدين سنقر التكريتي، وحسام الدين لاجين الزيني، وعزّ الدين أيدمر الدوادار الظاهري، والسّقسيني، وجماعة من الظاهرية، أمراء وغير أمراء.

وكان سيف الدين كوندك السّعيدي نائب السلطنة إذ ذاك، فحصل بينه وبين المذكورين تنافس، وانضمّ إلى كوندك جماعة من الأمراء السلاح داريّة الظاهرية التتار، وصاروا قبيلتين. مستعربة وتتار. وقامت / ١٧ ب / بينهم الفتن، وتغايرت المحن. وقصدت المستعربة منهم أن يبطش بكوندك، ووقفوا له في الدّهاليز السلطانية، وطلبوه على لسان الملك السعيد، فقام وتوجّه إلى داره قاعة رضوان بقلعة دمشق، فعظم ذلك عليهم. وتردّدت الرسل إليه وإليهم، فلم يوافق على الحضور إلى الملك السعيد، ولا جاوبهم إلاّ من بعيد. فلما اشتدّ امتناعه عليهم، وأكبّت عليه السلاح داريّة الظاهرية إكباب مستهون لا مستهول كلّما يجرّه ذلك إليهم، فعند ذلك طلب الملك السعيد الأمير شمس الدين سنقر الأشقر، وسيّره إليه منكرا عليه، فأبدى إعذارا، وإنكار أحوال في مثلها لا يمارى. وخرج من قلعة دمشق إلى الشرف الأعلا (٢) منزل الأمير شمس الدين سنقر الأشقر بإشارته إلى أن يأمن على نفسه، ويتوسّط الأمير شمس الدين بينه وبين أبناء جنسه. فما كان إلاّ أن استقرّ، ريثما غرّ، ثمّ فر، وساء وما سرّ، وأضرأ وضرّ. وركب هو وعصبته وبات بين البساتين. / ١٨ أ / وأظهر أنّ ذلك خوف وهلع وهول وجزع. فعزم من عند الملك السعيد على الركوب إليه وإلى من معه، فلم يره الأمير شمس الدين والأمير علم الدين مصلحة، وأنّ استجلابهم بالحسنى قضيّة مترجّحة (٣).


= ٣٠/ ٣٨٥، وذيل مرآة الزمان ٤/ ٢، والمختصر في أخبار البشر ٤/ ١١، ودول الإسلام ٢/ ١٧٨، وتاريخ ابن الوردي ٢/ ١٢٦، وعيون التواريخ ٢١/ ١٧١، ١٧٢، وتاريخ بيروت ٧٠، والسلوك ج ١ ق ٢/ ٦٥٠، وعقد الجمان (٢) ٢٠٢، والنجوم الزاهرة ٧/ ٢٦٥، وتاريخ ابن سباط ١/ ٤٥٧، وتاريخ الأزمنة ٢٥٦.
(١) عن الهامش.
(٢) الصواب: «الأعلى».
(٣) وذكر المقريزي في حوادث سنة ٦٧٨ هـ‍: في المحرّم قرّر الخاصكية مع الملك السعيد القبض على -

<<  <   >  >>