للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ذكر احتفال المكاتبين بحقيقة أحوال القوم]

قد تقدّم حديث المكاتبين والمناصحين لله ولرسوله وللإسلام. ولمّا كان قبل ملتقى القوم ومولانا السلطان نازل بحمص، حضر قاصد (من) (١) ديار بكر من جهة، كبير جليل سلك الجهة، / ٤٤ ب / على يده ملطّف بعدد القوم وتفصيل جملتهم، وحصر عدّتهم، وأسماء مقدّمي تماناتهم (٢)، وأجناس تجنيسهم، وتلبيس شعارهم لرعاع رعيّتهم من العوام، وهي عادة تلبيس إبليسهم. وأخبر هذا القاصد أنه خاض القوم ميمنة وميسرة، وقلبا وجناحين، وأخبر أنهم في غاية الكثرة، وإنّما ساق منهم من عليه جنى الحين. وتضمّن الملطّف المذكور أنّ القوم مائة وعشرون ألف فارس (٣). وطابق هذا الخبر في العدّة ما كان أخبر به جلدر (٤) بهادر أمير أخور (٥) هولاكو الذي كان أمسك بعين تاب.

[ذكر الصورة في إمساك جلدر بهادر المذكور]

كان منكوتمر أخو أبغا طاغية هذا الجيش عندما قرب من البلاد الشاميّة وجدها خالية من العساكر والرعايا، وتجفيلهم استجرارا له، وإنهاكا لقوّته، وبعدا لمسافة عوده عند كسرته، / ٤٥ أ / صار يركب وينفرد عن جيشه في شرذمة يسيرة للصيد، وكم من رام أن يصطاد فاصطيد، وكانت أجناد عين تاب يركبون في كلّ يوم ويتخطّفون منفرد القوم، ويتداولون ذلك اليوم بعد اليوم، فيظفرون ويغنمون ويعودون. واتّفق أنهم ركبوا يوما وأبعدوا عن الحصن، فصادفوا منكوتمر المذكور


(١) عن الهامش.
(٢) تماناتهم - طوماناتهم، مفردها تومان - طومان، وهو لفظ فارسي بمعنى الأمير، أو القائد على عشرة آلاف فارس.
(٣) في نهاية الأرب ٣١/ ٣١ يزيدون على ثمانين ألف فارس من المغل. وفي الدرّة الزكية ٢٤٢ إنّ التتار في ماية ألف فارس. وفي تاريخ ابن سباط ١/ ٤٧٥ أن العسكر ينوف عن ثمانين ألفا، منهم ٥٠ ألفا من المغل، والباقي مجمّعة من الكرج والأرمن والعجم وغيرهم.
(٤) ضبطه المؤلّف بفتح الجيم وسكون اللام، وفتح الدال المهملة، وفي آخره راء. وقد ورد في نهاية الأرب ٣١/ ٣٠ «حلتار» بالحاء المهملة والتاء المثنّاة، وفي تاريخ ابن الفرات ٧/ ٢١٣ «حلنار» بالنون.
(٥) أمير آخور: المتحدّث عن اصطبل السلطان وخيوله، وعادته أن يكون مقدّم ألف يتحدّث فيها حديثا عامّا، وهو الذي يكون ساكنا بإصطبل السلطان، ودونه ثلاثة من أمراء الطبلخاناة. (صبح الأعشى ٤/ ١٨، ١٩).

<<  <   >  >>