للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شمسها المنيرة، وإن نضّدت عقودها فضلها معنّى وصورة. وإن ذكرت مآثرها فمآثره المأثورة، وجب أن نجدّد من عهوده. ما كاد أن ينسى، وأن ننشيء من وداده ما هو الحقيق بأن ينشى (١). وأن نريش جناحه، ونغفر جناحه. ونجيب إلى ما أثره، ونعين بالإحسان تطوله ومآثره.

فلذلك خرج الأمر العالي المولوي السلطاني الملكي المنصوري السيفي، لا زالت يده بالعطاء مبسوطه، والأرزاق بمنعها وإعطائها منوطه. أن يجري في ديوانه الكريم / ٦٥ ب / ما رسّم به الآن لخاصّه وخاصّ قلاعه التي تذكر، ولمن يستخدم عليه من حلقة وجند، فليتسلّم نوّابه هذه النعمة التي لسنا عليها نقتصر، ولا من تواليها نختصر. والحبل في الإحسان إليه على الجراره، والله تعالى يجزل منّا حظّه وإيثاره».

[[عودة الأمير سنقر الأشقر إلى طاعة السلطان]]

ولم يزل الأمير شمس الدين المذكور يتناول هذا الإحسان الدّارّ، ويمتاره على قلق وإن ظنّ به الاستقرار. إلى أن طالت المدّة، وجفّت من القلم المدّة. وشرع فيما لا يتمّ كما بدأ أول مرة، وتخلّت عنه أعوانه إذ لم يستطيعوا له نصرة. وبلغ مولانا السلطان ما أسرّ، واتّصل به ما أضراه عليه لا بل أغراه به وطالما كان في الإغراء ما ضرّ. وكتب إليه مولانا السلطان بأن يخلّي عنه ما لا يجيء منه شيء، وأن يحضر للاستكنان في فيء ظلّه الذي هو أسبغ فيء. ومن هذه النسبة. وسيّر صحبة المقرّ الحسامي طرنطاي نائب السلطنة المعظمة في جملة من الجيش، على أنه إن وافق فلا كلام، وإن خالف / ٦٦ أ / فالكلام. فحين وصل إليه المقرّ الحسامي لم يسعه إلاّ التسليم قبل التسليم، وتقديم رجل الطاعة وما أحقّها بالتّقديم. ونزل طائعا مختارا، وآبقا بإحسان مولانا السلطان الذي طالما بلغ من الأمن أوطارا. وحضر به الأمير حسام الدّين، فحين وصل ركب مولانا السلطان لتلقّيه، وحين تواجها نزلا وتكارشا، وقبّل الأرض بين يديه، والألسنة تالية: {قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ} (٢).

وأحلّه مولانا السلطان من جلوس الإمرة محلّه، وكساه من (حلل) (٣) الخلع النفيسة أثمن حلّة. ولم يحصل له في أيام مولانا السلطان إلاّ ما أزال وحشته،


(١) الصواب: «ينشأ».
(٢) سورة آل عمران: الآية ٢٦.
(٣) عن الهامش.

<<  <   >  >>