للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخالصة قد سيّبت بتتريبها، ولاح نقاء بياضها من خلال مشيبها لا مشيبها.

وقلت:

ما ترب المحبوب جسما بدا ... من فضّة لمّا عرى من ثياب

إلاّ لتملّ العين من حسنه ... وليس يملى (١) العين إلاّ التراب

ولم يزل مولانا السلطان إلى أن روّى وما تروّى (٢) / ١٢٧ ب / وواسا (٣) إلى أن سوّى، وأجرى الماء حتى في العود، وجاء إلى سعد أخبية الماء فأظفر منه بسعد بلغ ما له من سعد السّعود. وعاد إلى كرسي مملكته، وقد أثر ما يبقى له ذكره على توالي الأيام، ويتعيّن شكر ماله من الإنعام حتى على الأنعام.

[ذكر ما اتفق في أمر عكا بعد المهادنة]

واستمرّت الفرنج الملعونون تحت ظلّ هذه الموادعة، إلى أن قضت خيانتهم بتقليصه. واستقرّوا في هناء العيش إلى أن ختم سوء اعتمادهم بتنغيصه، ولم يشعر مولانا السلطان إلاّ وقد بلغه أنّ الفرنج بعكّا استطالوا على جماعة من المسلمين بها من التّجار وغيرهم فقتلوهم (٤)، وبالنسبة إلى كثرتهم استقلّوهم. وللوقت رسم مولانا السلطان فكتب إليهم، وأنكر عليهم، وأعلموا أنّ هذا ناقض للعهد، مناف للودّ.

فورد كتاب / ١٢٨ أ / مقدّميهم أنّه إنّما حصل بسبب أنّ الفرنج والمسلمين اجتمعوا في مشربة، وحملهم السّكر على العربدة، وأنّنا أمسكنا جماعة من الفرنج ممّن كان في المشربة، وشنقناهم، فأعيد إليهم الجواب بما صورته: «صدقتم في أنكم شنقتم، ولكن المسلمين. ونحن واصلون بمشيئة الله تعالى إليكم، فجهّزوا الضيافة».


(١) الصواب: «يملأ».
(٢) تكرّرت في آخر الوجه ١٢٧ أوأول الوجه ١٢٧ ب.
(٣) الصواب: «وواسى».
(٤). التحفة الملوكية ١٢٢، نهاية الأرب ٣١/ ١٧١، تشريف الأيام والعصور ١٧٧، المختار من تاريخ ابن الجزري ٣٣٦، تاريخ الإسلام (حوادث سنة ٦٨٩ هـ‍). دول الإسلام ٢/ ١٤٣، عيون التواريخ ٢٣/ ٤٧، السلوك ج ١ ق ٣/ ٧٥٣، عقد الجمان (٣) ١٠ و ٥٥، النجوم الزاهرة ٧/ ٣٢٤، تاريخ بيروت لصالح بن يحيى ٢٢، تاريخ ابن الفرات ٨/ ٩٢، لبنان من السقوط بيد الصليبيين حتى التحرير ٣٨٢، ٣٨٣.

<<  <   >  >>