للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[رثاء المؤلّف للسلطان قلاوون]

وقلت فيه مرثيا:

هي المنيّة لا بالحيل والحيل ... تردّ سطوتها عن حائن الأجل

كم جال ما جلّ منها بين ذي أمل ... وبين ما كان يرجوه من الأمل

/ ١٣٠ أ / كم أثكلت أهل مفقود وكم تركت ... دمعا مصونا بمنهلّ ومنهمل

لم تبق من أحد حتى تجرّعه ... كاساتها بين أهل العل والنّهل

يمسي المؤمّل للدنيا وسرعتها ... إلى التّزوّد للأخرى على مهل

والموت يحتفل بالمرء يأخذه ... وهو المغفّل غرّ غير محتفل

لم يغض عن ملك يوما لعزّته ... ولو فدي بغرر الخيل والخول

ولا حمته جنودكم حمت ملكا ... من غيره بحسام سابق العذل

تبيت من عزمه تخشى غوائله ... ويتّقى حذرا منه على وجل

لا فرق في أخذه الأرواح بين فتىّ ... عالي المكانة محميّ ومستفل

أين الأولى (١) ... شيّدوا الأملاك وافتتحوا

مغالق المدن من سهل ومن جبل

أين الّذين بنوا الأهرام واحتفلوا ... بصونها من دواهي الزّيغ والزّلل

/ ١٣٠ ب / أين الّذين رأينا في الوجود لهم ... عجائبا (٢) من ذوي الأديان والملل

أين المليك الذي بالأمس مصرعه ... حدّث بما شئت عن أوصافه وقل

قلاون سيف دين الله من شهدت ... له المواقف في الأبكار والأصل

كم شاهد الناس منه في مواكبه ... ملى (٣) المسامع والأفواه والمقل

معظّم الملك عاليه ولا عجب ... أعلى الممالك ما يبنى على الأسل

كان العليم بأدواء الزّمان له ... فضيلة العلم والإفضال بالعمل

يمشي إلى الحرب في الهيجاء منجملا ... من لذّة النصر مشي الشارب الثّمل

تكفيه وقعة حمص والثبات بها ... وقد ترغرغت الدنيا من الفشل

يكفيه فتح قلاع كم مضى ملك ... لفتحها يده للعجز لم تطل

سقيا لدولته ما كان أحسنها ... كأنّها غرّة في جبهة الدّول


(١) الصواب: «الألى».
(٢) الصواب: «عجائب».
(٣) الصواب: «ملء».

<<  <   >  >>