للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[[وفاة السلطان قلاوون]]

وبرز مولانا السلطان لظاهر القاهرة المحروسة، وخيّم بمسجد التّبن (١) في عساكره التي ملأت الفجاج، فزادت على عدد ما للبحار من أمواج. فحصل له بهذه المنزلة مرض رمي الدّم، فأقام أيّاما وقضى بمخيّمه، ووافاه المنون بمحتّمه (٢).

وشقّت عليه الجلود لا الجيوب، وكادت الجبال تذوب لا القلوب، وانحنت السيوف لا الظهور، واندقّت الرماح لا الصّدور. وساء الورود ذلك الصّدور. / ١٢٩ ب / وقدّرت حمامه بتلك المنزلة فحلّ بها حين حلّها، ومنيتّه بتلك البقعة في تلك المدّة وما كان أكثر همومها واقلّها.

ومن كتبت منيّته بأرض ... فليس يموت في أرض سواها

وجعل في تابوت، وطلع به إلى قلعته، وقد ساءها سوء رجعته. ولم يزل بها إلى أن اشتدّ أمر ولده السلطان السعيد الشهيد الملك الأشرف صلاح الدين خليل. وتمّ سلطانه ولزم، وختم بأمر ملكه وحزم. ثم نقل إلى قبّته المقدّسة بالقاهرة المحروسة ليلا، وقد أوسع الناس ويلا.

فرحم الله تلك الروح الزكيّة، وأنالها رتبة الرفيق الأعلا (٣)، فإنّها آخر ما كان يؤمّله من الرتب العليّة.


(١) في نهاية الأرب ٣١/ ١٧٣، والسلوك ج ١ ق ٣/ ٧٥٥، والمواعظ والاعتبار ٢/ ٤١٢، «التبر» والمثبت يتفق مع تاريخ ابن الفرات ٨/ ٩٧، وقال المقريزي: وهو يقع خارج القاهرة ممّا يلي الخندق وتسمّيه العامّة التبن. وهو خطأ. وهو قريب من المطريّة. وتبر أحد كبار الأمراء في أيام كافور الإخشيدي (المواعظ والاعتبار).
(٢) توفي المنصور قلاوون - رحمه الله - يوم السبت ٦ من ذي القعدة سنة ٦٨٩ هـ‍ / ١٢٩٠ م. أنظر عنه في: تشريف الأيام والعصور ١٧٧ - ١٨٢، والمختصر لأبي الفداء ٤/ ٢٣، ٢٤، وآثار الأول ٧٦، وتالي وفيات الأعيان ١٢٩ رقم ٢٠٦، ونهاية الأرب ٣١/ ١٧٣، والتحفة الملوكية ١٢٢ - ١٢٥، والدرّة الزكية ٣٠١ - ٣٠٣، ودول الإسلام ٢/ ١٨٨، ١٨٩، والعبر ٥/ ٣ / ٣٦٣، وتاريخ الإسلام (٦٨٩ هـ‍). وتاريخ ابن الوردي ٢/ ٢٣٥، ومرآة الجنان ٤/ ٢٠٨، والبداية والنهاية ١٣/ ٣١٧، ٣٣٨، وتذكرة النبيه ١/ ١٣٥، وفوات الوفيات ٢/ ٢٦٩ رقم ٣٥٤، وتاريخ ابن خلدون ٥/ ٤٠٣، ومآثر الإنافة ٢/ ١٢٤، ودرّة الأسلاك ١ / ورقة ٩٧، والسلوك ج ١ ق ٣/ ٧٥٤ - ٧٥٦، وعقد الجمان (٢) ١٢ - ٢١، والنجوم الزاهرة ٧/ ٢٩٢ - ٣٤٣، والمواعظ والاعتبار ٢/ ٢٣٨، ومورد اللطافة لابن تغري بردي ٤٢ - ٤٤، والجوهر الثمين ٢/ ٩٩ - ١٠٤، وتاريخ ابن سباط ١/ ٤٩٣، ٤٩٤، وشذرات الذهب ٥/ ٤٠٩، وبدائع الزهور ج ١ ق ١/ ٣٦٠ - ٣٦٣، وأخبار الدول ١٩٩، ٢٠٠، وتاريخ الأزمنة ٢٦٦، وتاريخ ابن الفرات ٨/ ٩٦، ٩٧.
(٣) الصواب: «الأعلى».

<<  <   >  >>