للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولمّا كان في آخر الماية الخامسة وظهرت طوائف الفرنج بالشام، واستولوا على البلاد. وامتنعت هذه المدينة عليهم، ثمّ ملكوها في سنة ثلاث وخمس ماية (١). واستمرّت / ١١٣ أ / في أيديهم إلى الآن (٢).

وكان الخلفاء والملوك في ذلك الوقت ما منهم إلاّ مشغول بنفسه، مكبّ (٣) على مجلس أنسه، يصطبح في لهوه ويغتبق، ويجري في مضمار لعبه ويستبق (٤). قد بلغ أمله من الرتبة، ومنع من ملكه كما يقال بالسّكّة والخطبة. يرى السلامة غنيمة، وإذا عنّ له وصف الحرب يوما لم يسأل منها إلاّ عن طرق الهزيمة. أموال تنهب، ونفوس (٥) تذهب. وقد تجاوزت حدّ إسرافها، وبلاد تأتيها (٦) الأعداء فتنقصها من أطرافها. لا يبالون بما سلبوا، فهم كما قيل فيهم وفي أمثالهم:

إن قاتلوا قتلوا ... أو طاردوا طردوا

أو حاربوا حربوا ... أو غالبوا غلبوا

إلى أن أوجد الله من أوجده لنصر (٧) دينه، وإذلال الشرك وشياطينه، فأحيا فريضة الجهاد بعد موتها، وردّ ضالّة العزّ (٨) بعد فوتها. ورجوا (٩) بقدرة الله ولطفه أن تفترع ممالكهم ذروة ذروة، ونأتي / ١١٣ ب / إلى عقد قوانينهم (١٠) فنحلّها عروة عروة (١١). ونخلي ديارهم من ناسهم (١٢)، وتطهّر الأرض من أدناسهم (١٣). ونجدّد


(١) المشهور أن طرابلس سقطت يوم الإثنين ١١ من ذي الحجّة سنة ٥٠٢ هـ‍. / ١٢ تمّوز (يوليو) ١١٠٩ م. (أنظر كتابنا: تاريخ طرابلس السياسي والحضاري - ج ١/ ٤٣٨ وما بعدها).
(٢) في المسالك، وغيره: «ولم تزل المدينة بأيديهم». وهنا اختلاف ونقص.
(٣) في المسالك، وغيره: «مرابط».
(٤) هنا تقديم وتأخير في المسالك، وغيره.
(٥) في المسالك، وغيره: «وممالك».
(٦) في المسالك، وغيره: «وبلاد تأرّقها».
(٧) في المسالك، وغيره: «من ادّخره لنصرة».
(٨) في المسالك، وغيره: «ضالّة العزّ للإسلام».
(٩) في المسالك، وغيره: «ونرجو».
(١٠) في المسالك، وغيره: «عقد قراهم».
(١١) في المسالك، وغيره: «فنحلّها عقدة عقدة».
(١٢) في المسالك، وغيره: «بأسهم».
(١٣) في المسالك، وغيره: «ونطهّر الأرض من أدرانهم وأرجاسهم».

<<  <   >  >>