للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واتّفقت قضيّة غريبة، وهي أنّ الآية التي / ١٢٣ ب / اتّفق بحثهم في تفسيرها قوله تعالى: {وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَاّ اللهُ وَالرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} (١). فقال قاضي القضاة: اختلف العلماء في الوقف في هذه الآية. فقال قوم: الوقف على «الله». وقال قوم: لا يجوز الوقف على «الله» (٢). فقام مولانا السلطان وقال: ليش (٣) ما يجوز الوقف على «الله»؟ كيف تخرجونا بلا أجر؟

واعتقد بتركيّته وغتميّته أنّ البحث في معنى ما وقفه بهذه البقعة. فخرج إلى القبّة التي أعدّها لمواراته. وشحنها بمحكم آياته (٤).

ولسان الحال ينشد:

فهنّيتها دارا ... وبطن ضريحها خال

وفي إيوانها لك مجلس، وهي قبّة قد علا رواقها، وتلألأ إشراقها. وحسن رخامها، وكثر من القرّاء والذّاكرين الله زحامها. وتوفّر رزقها، وتعيّن حقّها. وتألّق بالمثوبات أفقها.

والذي نفق في هذه / ١٢٤ أ / العمارة ألوف من الدنانير ما لا تحصره الأقلام، ولا تكاد تتخطّى إليه الأوهام. والي أنفق في عمارتها من السّعادة السلطانية أنّ الدار التي عمّرت مدرسة هي من جملة أدر القصر المذكور. وكان يسكنها أمير يقال له قراسنقر المعزّي، وحمله الطّمع على أن تزوّج جارية من جوار (٥) شجر الدّرّ (٦) سريّة الملك الصالح نجم الدين أيّوب (٧)، ولد السلطان الملك الكامل، تغمّدهما الله برحمته. وشكر عن سالفنا وأنفنا صدقة كلّ منهما وعوّضهما خير جنّته.

وكانت هذه الجارية خزان دارة شجر الدّرّ. ولمّا قتلت ورميت من سور


(١) سورة آل عمران: الآية ٧.
(٢) كرّر المؤلّف في الأصل سهوا: «وقال قوم لا يجوز الوقف على الله» وتنبّه بعد ذلك فشطب عليه.
(٣) هكذا وهو لفظ عامّي، بمعنى: لأيّ شيء. وبالعامّية المصرية: «ليه».
(٤) نهاية الأرب ٣١/ ١١٢، تاريخ ابن الفرات.٨/ ١.
(٥) الصواب: «جواري».
(٦) قتلت شجر الدرّ في سنة ٦٥٥ هـ‍. أنظر عنها في: النور اللائح لابن القيسراني - بتحقيقنا - ص ٥٦، وتاريخ ابن سباط ١/ ٣٧٢ وفيه مصادر كثيرة لترجمتها.
(٧) توفي الصالح أيوب ابن الملك الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب في سنة ٦٤٧ هـ‍. أنظر عنه في: تاريخ ابن سباط ١/ ٣٤٥، ٣٤٦ وفيه حشدت مصادر ترجمته.

<<  <   >  >>